كوكب مجهول المصير - اليوم السادس - 1995

 

الجيولوجي

سمحت لي رحلاتي اليومية من المنزل إلى مدرستي الثانوية من رؤية البحر بشكل مختلف كليا عن كونه ذلك المكان الساحر الذي ألقي إليه بأفكاري واستمتع بأوقات فراغي معه.

لقد انتهت مرحلة الرومانسية الاسكندرانية مع التآكل المستمر لشواطئ عروس المتوسط، وتناقص مساحات التريض والتنفس التي كانت تحتضنها شواطئه.

إن التفسير السائد في تلك الفترة لتآكل تلك الشواطئ - والذي يعتبر سائدا إلى يومنا هذا - هو زيادة منسوب البحار نتيجة للاحتباس الحراري والذي يؤدي بدوره لذوبان الجليد في الأقطاب الأرضية رافعا منسوب البحار بشكل يهدد كل من كمية المياه العذبة في العالم، والمدن المشاطئة للبحار والمحيطات، ومؤثرا على كمياء المحيط في بعض النظريات.

ولكني في تلك الفترة كنت أري مسببا آخر يتم تغافله اعتقد انه أكثر خطورة وأكبر تأثيرا على مستقبلنا كسكان للمدن الشاطئية.

ألا وهو تحرك الطبقات الأرضية التكوينية.....

يعني تحرك الطبقات التكوينية كمسبب لظاهرة تآكل الشواطئ ان علينا إدراك ان المشكلة ليست في منسوب البحار، ولكن علينا القلق حيال الأرض التي تتحرك نحو الامام.

فالطبقة التكوينية الافريقية تنزلق شمالا أسفل الطبقة التكوينية الاوربية، مسببة ارتفاعا في الطبقة التكوينية الأوروبية مقابل انخفاضا في الطبقة التكوينية الافريقية المتجهة نحو قلب الأرض لإعادة التدوير .....

وهو ما يعني زيادة في منسوب المياه في البحر المتوسط نتيجة للتناقص المستمر في حجم الحوض بين الكتلتين, تلك الحركة المستمرة والانزلاقات التكوينية لطبقات الأرض هي جزء لا يتجزأ من تاريخ الأرض, فهي حركة لم تتوقف يوما ولن تتوقف إلا بكارثة ضخمة, فلب الأرض المغناطيسي يتحرك باستمرار وتنزلق فوقه الطبقات التكوينية المكونة للقارات بشكل دائم, مكونة قمم الجبال ومشكلة تضاريس الأرض, ولعل المتأمل في التاريخ الجيولوجي للأرض يجد إن بعض التغيرات الجوهرية في طبقات الأرض مسجلة ضمن التاريخ الإنساني من خلال القصص والاساطير وحتى الديانات....

فانشقاق الاخدود الكبير الفاصل بين إفريقيا وآسيا واختفاء قارة اطلنتس التي من المفترض لها ان تقع عند جبال أطلس, والتيه الذي وقع فيه شعب الماوري في البحار نتيجة ضياع أرضهم الام "تيفيتي" كلها من الروايات والاساطير التي تشير إن تلك التغيرات الجيولوجية العملاقة جاءت في فترات كان الإنسان موجودا فيها على سطح الأرض, حتى ان هنا على أرض مصر ما يؤكد وجود الطوفان الذي ذكر في جميع الكتب السماوية, فوادي الحيتان في عمق الصحراء الغربية المصرية يشير بوضوح لوجود عصر سادت فيه المياه الأرض..... وغيرها من القصص والروايات والاساطير التي تؤكد حضور الانسان تلك التغيرات العملاقة.

تلك النظرة التاريخية لطبقات الأرض تعني ان التغيرات الحالية سواء على مستوى حرارة الكوكب وتآكل الشواطئ وحركة الطبقات التكوينية هي سلسلة متصلة من الاحداث التي وإن كانت كارثية إلا أنها كانت وما زالت جزء من تاريخنا الإنساني للتأقلم وصراعنا للبقاء على هذا سطح هذا الكوكب المتغير بإستمرار....

ولعل الهجرات البشرية كانت وما زالت إلى يومنا هذا سبيلنا الوحيد الضامن للبقاء, والتأكيد على الحقيقة المحضة اننا جميعا جنسا بشريا واحدا, نتكاتف معا لنبقى ويشتد تكاتفنا مع إدراكنا لحقيقة اننا معا نبقى ونسود....

لأننا عالم واحد

 

#JustAndAmbitious

#COP27

#الموحد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

كوكب مجهول المصير - اليوم الرابع 1993