المطبخ السياسي..... المنهج العلمي كمعيار

لعقد أو أكثر كنت أتعامل مع المنهج العلمي بشكل يومي كأداة لتجميع وتصنيف البيانات ومعالجتها لتحويلها لمعلومات تفيد المطلع عليها وتحقق له مصالح محددة.....
اليوم .... واليوم فقط.....
وجدت في المنهج العلمي أداة للمفاضلة والمقارنة والتقييم....
قد أكون علي علم بهذه الخاصية في المنهج العلمي, ولكني لم أكن مدركا بشكل كامل بإمكانياتها في الحكم علي الأمور, والتي قد تصل لتغيير المعتقدات ذاتها ....
فعلي سبيل المثال كنت أعتقد أن الأكل الشعبي المصري قادرا علي المنافسة مع مطابخ العالم , وقد أكون متطرفا في إعتقادي في جودته وصولا أن الأمم الأخري ليس لديها حسا مرهفا مثلنا وأن طعامنا أفضل من أشهر المطابخ العالمية....
حتي وجدت عددا من التقييمات العلمية والمهنية للطعام المصري وأكتشفت فداحة الخطأ بالإعتقاد ....
ان طعامنا لا يحظو علي قدر كبير من الاهتمام العالمي, ومن الصعب ان تجد أحدهم يفضله معظم الوقت.... هذا إن إستطاب طعمه من الأساس, فلن يكون قادرا علي الإستمرار في هذا النمط الغذائي لفترة طويلة....
هذا النمط الذي تصفه مجموعة من الدراسات بأنه واحدا من المطابخ الأكثر صحية في العالم لخلوه تقريبا من البروتين وإعتماده علي الخضر والبقوليات والنشويات والدهون.....
عدد كبير جدا من المكونات الغذائية ليست موجودة بشكل كاف في المطبخ المصري كالتوابل والمكسرات....
لا يوجد تنوع كبير في مصادر البروتين كلحوم الطرائد من الطيور والحيوانات البرية حرة المصدر....
نعتمد بشكل شبه كامل علي حيوانات وطيور واسماك ونباتات المزارع والتي غالبا تكون أحادية الجنس.
لا أنكر كم كانت هذه الحقائق وغيرها محزنا لي شخصيا .....
ولكنها فسرت لي خطابين من أغرب الخطابات السياسية التي سمعتها علي الإطلاق ....
الخطاب الأول كان خطاب رئيس الجمهورية لأحد الجماهير الذي اشار لأهمية لقمة العيش....
فأستنكر رئيس الجمهورية ذلك وقال ان هناك الكثير والكثير ما هو أكثر أهمية من العيش ....
والخطاب الثاني كان لاحد الوزراء الذي أشار لإستنكاره للإستخدام المفرط لأحد المكونات الرئيسية في المطبخ المصري "الطماطم" والذي تقريبا هو قلب المطبخ المصري تبعا لأحد الذواقة المحترفين, والذي أشار إلي أن ملخص المطبخ المصري هو "طماطم" مخلوطة مع أي شئ آخر" ....
وهنا نعود للنقطة الأساسية وهي قدرة المنهج العلمي علي التقييم الموضوعي وتغيير القناعات والمعتقدات....
فقد نتفق او نختلف حول الخطاب السياسي المنتقض لواقع حياة أمة عظيمة .... تتدهور بها الأحوال حتي تعيش علي الفتات ....
ولكننا وامام المنهج العلمي المحض, لا يمكن لنا إلا إستيعاب مدي فضاحة هذا الموقف التاريخي....
وبالتالي نستطيع ان نجتمع حول كيفية توفير هذا الكم من المكونات الغذائية التي تحتاجها الأمة لتعود لطبيعتها....
وسوف نستخدم بكل تأكيد المنهج العلمي بديلا عن الخطاب السياسي الذي نتفق او نختلف حوله كأداة للمقارنة وتوضيح الأفكار ....
#الموحد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.