قصة طويلة جدا .... قصة شعب - وطن - أمة

وأنا أسير هائم علي وجهي في الصحراء, وجدت رجلا جالسا يستظل بشجرة يكاد ظلها لا تراه...
رميت نفسي إلي جواره وأنا ألقي عليه السلام, فنظر إلي وإلي حالتي المزرية وسألني عن وجهتي, فأجبته:
-           أني شرقا اتجه, وغايتي أن ابلغ منزل العزة والفخر, سألني عن السبيل, أجبته انه لا سبيل لدي إلا المضي قدما حتى أصل الغاية أو ألقي ربي غير مستسلما ولا مستكين.
 ابتسم وقال لي :
·           ابشر يا صديقي, فغايتنا واحدة وأنا للسبيل اعلم وللطريق أحفظ, وللغاية والهدف نتقاسم الطريق, فقبلت بصحبته في الطريق ولقد زادتني الصحبة أملا في بلوغ الهدف.
ولكني ما لبست أن ألاحظ إننا غربا نتجه, وإننا عن الطريق نحيد, فسألته مرتابا
-           هل نحن نتجه شرقا أم إننا عن السبيل نحيد؟
فأجابني مبتسما:
·         شرقا نتجه والغاية تدنو ولكنك مريضا من عناء الطريق, ثق في يا صديقي فأنا من سكان هذا الطريق, عمرا قضيته أسير هنا علي طريق مهدته, هنا لعبت, وهنا شربت من ماء البئر الذي حفرته, وهنا عملت مع أبي علي تمهيد السبيل بالأحجار, وهذه الدور بنيتها ولازلت أبني وأبني حتى أصل إلي كمال الوادي الذي أريد.
سألته مندهشا :
-           أوحدك بنيت كل هذا؟
قال مكشرا عن أنيابه:
·          بل أنت من ستبني وتبني, ولن تعيش إلا من الفتات الذي أعطيه لك, لا سبيل لديك للعودة, ولا سبيل للعيش إلا بما أهبك, هذا أنا أعيش هنا منذ سنين, ولا أجد فيكم إلا تائهين لا تعلمون إلي الحرية سبيلا, فما بالي لا ارتضي عيش الخرائب وانتم من عظامكم تبنون أهراما وصروحا, ومالكم إلا إن تقبلون العيش في مذلة أو تموتوا في صحراء مقفرة.
سأتركك يوما تستريح, وغدا نلتقي لتأكل وتعمل وهذا عرضي لك ولكل من تبع طريقك للحرية...
إنها ليلة طويلة بحق...
-          علي ماذا حصلت ؟
n       مدينة مليئة بالمخلفات, ناس تحيى وتسير وسطها, وأناس يلقوها عليهم من العلياء.
-          علي ماذا حصلت؟
n       دورا لا تجدد إلا بأمر الرجل فهي متهالكة, ضيقة, مظلمة.
-          علي ماذا حصلت؟
n       طعاما من فتات خبز, ومياه عكرة.
-          علي ماذا حصلت؟
n       حياة يضحك فيها أناس وهم يمرون فوق أناس تأكل الأرض أجسادهم, لا يروهم ولا يعبئون بوجودهم.
-          هذه ليست بلاد المشرق صاحبة الحلم والأمل, أنها بلاد تنشر فيها الرزيلة ويقبلها المستضعفون.
يعيشون دون هدف إلا الحياة, ويموتون بلا غاية وهم ينحنون.
يعتقد معظمهم أنهم سادة, وهم لا يعلمون للحرية معنى, ولا يعلمون عن بلاد المشرق هوية ولا موقع.
أنها ليلة طويلة بحق...
ماذا أنا فاعل ؟!!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.