وطن موحد - مشروع دولة


مقدمة

باعتبار الدولة المصرية جسد واحد, يحتل فيها الجناح السياسي دور العقل المدبر, ويحتل اعلامها دور اللسان الناطق باسمه, يكون دور الجيش فيها كدور اليد الباطشة المدافعة عنه, ويكون دور الشعب بمثابة العمود الفقري لهذا الجسد.

وتغير السلطة في هذا الكيان هو ناتج عن أي تغير في الرأي ووجهات النظر, أو تغير في الأولويات والاحتياجات, أو تغيرات ناتجة عن تغير المواقف او متغيرات خارجية.

وبالتالي وعلي الأمة المصرية الآن تقديم توصيف دقيق لدور كل عضو داخل هذا الجسد, وتوجيهه للقيام بدوره وإقناعه بهذا الدور.

وتعمل مبادراتنا علي تحقيق مجموعة من الأهداف انطلاقا من مجموعة من المبادئ الأساسية والتي سيتم التعرض إليها في الفقرة التالية.

المبادئ الأساسية لوطن موحد

1-    ينقسم الخلاف السياسي إلي طبقات

أ‌-      الخلاف السياسي- السياسي.

الدول الديمقراطية تعمل علي فض الخلاف من هذا النوع من خلال الصناديق, والأصل هنا انه لا مصلحة مباشرة لأي فصيل في الوصول للسلطةما دام هناك اتفاقا علي الأهداف المشتركة للدولة, ولكن حمل لواء السلطة وتصدر المشهد هو دور وطني تقوم به الأطراف السياسية في حينه لتحقيق الهدف الوطني المحدد مسبقا, وداخل الأروقة السياسية يكون الخلاف من هذا النوع تحت سيطرة "حكم" يقبله جميع الأطراف, ويكون هذا "الحكم" صاحب دور ثابت لا يتغير عبر الزمن, ولا يمكن له بأي شكل من الأشكال الوصول للسلطة.

وهذا الحكم يعمل علي حفظ السلم السياسي والتأكد من سلامة العملية الانتخابية وتأمين جميع منافع الوطن ومكتسبات الشعب بحيث لا تؤثر الحياة السياسية علي الاقتصاد او الأمن الاجتماعي, فنجد جماعات الضغط الاقتصادية تمارس أعمالا سياسية تساعد فصيل سياسي مرة وتدعم خصمه في التالية لانها تقوم بالحفاظ علي منافع محددة, وتجد جماعات الضغط الشعبية تقوم بالدور ذاته ولا تتحيز لفصيل سياسي محدد بقدر ما هو انحياز للمكتسبات الاقتصادية والشعبية للوطن, وحصر الخلاف السياسي في أضيق الحدود وحسمه من خلال تقديم الدعم الاقتصادي والشعبي لتيارات سياسية بغض النظر عن التحزب والانتماء السياسي.

بالطبع ليس من الضروري ان نصنع بيئة ضغط سياسي كنموذج يتبع ولكننا لدينة مؤسسة عسكرية تنال ثقة الشعب والكيانات السياسية ويمكن ان تلعب دورا تاريخيا ودائم في تولي مهمة الفصل في الصراعات من هذا النوع.

ب‌-   الخلاف السياسي- العسكري.

الدول الديمقراطية تعرف دور المؤسسة العسكرية علي انها اليد الباطشة للدولة, كما انها تعمل في الكواليس السياسية كطرف "حكم" بين الأحزاب والتيارات السياسية والتأكد دائما من أن إرادة الشعب هي الإرادة المتمثلة في الواجهة السياسية للبلاد.

وبالتالي فالخلاف من هذا النوع لا يحدث إلا في حالات نادرة جدا, وتكون بسبب إهمال الطرف السياسي للدور الهام للمؤسسة العسكرية, أو وجود مصالح في السلطة يسعي إلي تحقيقها أطراف الصراع سواء كانوا سياسيين او عسكريين.

وهنا نجد أن للشعب دورا هاما وخطيرا في الفصل بين السلطات, ويكون خطيرا لأنه قد يأخذ أكثر من أسلوب, فقد يكون الفصل هنا بتأييد فصيل مقابل الوقوف ضد  فصيل وهذا يمثل خطورة كبيرة علي وحدة الجسد, فمن غير المتوقع وجود صراع بين العقل والجسد إلا في حالات المرض العقلي الشديد.

حتي ولو كان أي فصيل قادر علي الإطاحة بأي فصيل فالناتج دائما وطن غير مكتمل الأجزاء...

بمعني أدق ...

 جسد مبتور...

أما الأسلوب الثاني هو التنظيم المجتمعي الذاتيالعامل علي الفصل بين السلطات والعمل علي التعرف علي المشكلة وحلها من خلال تقديم مبادرات شعبية, وإثراء النقاش المجتمعي الإعلامي وتشكيل الوفود الشعبية العاملة في الوساطة, من أطياف الشعب المختلفة وكل من هم مهتمين بالشأن السياسي والقادرين علي التفاوض وتقديم المبادرات, وكل ذلك لحصر الصراع في صورته السياسية دون النزول إلي الميادين وخروج الأمور عن السيطرة.

والمبدأ الأساسي هنا أنه دائما لدينا مزيدا من الوقت لبناء الأوطان.

ت‌-   الخلاف السياسي- الشعبي.

يأتي الخلاف السياسي الشعبي بسبب قصور بالغ في المعلومات الحكومية والرسمية عن الوعي الشعبي, وعندما يجهل النظام حجم معرفة الشعوب تكون النتائج كارثية.

ليست الكارثة في تغيير الواجهة السياسية للبلاد بقدر الكارثة الناجمة عنإسقاط النظامالسياسي للبلاد بشكل كامل وما له من تبعات اقتصادية وأمنية خطيرة علي المستوي المحلي والإقليمي والعالمي.

وبالتالي فتغيير الواجهة السياسية للبلاد هو ضرورة حتمية للاستقرار, لأنه من غير المنطقي وقوف أجهزة الدولة مع واجهة سياسية لا تعبر عن الشارع.

ولكن هنا لدينا مبادئ هامة

      الساسة هم عقل الأمة, ولا يجوز بأي حال من الأحوال خروج الشارع دون غطاء سياسي محدد الهوية والاتجاه فهذا يعبر عن فشل عام في جميع أجهزة الدولة وقصور خطير في الكيانات السياسية.

      لا يجوز ايضا تحريك الشارع من قبل الشخص غير السياسي, فالعقل وحدههو من يحرك الجسد, فلا يجوز إحداث تحرك شعبي مدفوع أمنيا أو اقتصاديا أو إعلاميا أو خارجيا, والتحرك الشعبي هو فقط التحرك اسفل غطاء سياسي, فيجب ان يكون الشعب له من يمثله حفاظا علي مصلحة الوطن العليا, وهنا يمكننا ضم التنظيمات الشعبية كالتنظيمات الطلابية والجمعيات الخيرية والتنظيمات العمالية والحقوقية وأي تنظيم شعبي آخر كتنظيم سياسي لأن الشعب لديه كافة الحريات التي تكفل له العمل السياسي, ولكنه يحافظ علي وجوده دائما اسفل غطاء سياسي محدد حتي لا يقع الوطن كله في دوامات من العنف.

      لا يجوزان تخرج المطالب الشعبية في أي حال من الأحوال عن مشروع حزبي أو تيار فكري قائم بالفعل, وبالتالي فالبديل السياسي يجب ان يكون مطروح دائما ولا حاجة إطلاقا لبلوغ حافة العنف.

      الإثابة السياسية والخطأ السياسي هي عملة متزنة ذات وجهين, احتمالاتهم متساوية, وما القرار السياسي الصحيح من الخطأ إلا توفيق بعد اجتهاد,فلا يوجد ما يسمي عزل سياسي ولا تخوين ولا انحراف عن الموضوعية.

      لا تتغير الواجهة السياسية إلا بواجهة سياسية, وتكون الواجهة السياسية المحدثة للتحرك هي الواجهة السياسية المتصدرة المشهد الجديد, ويتطلب تغيير الواجهة السياسية الموجودة واجهة سياسية من نفس الدرجة أو أعلي...

بمعني ان الواجهة السياسية الثورية لا تعزلها إلا واجهة سياسية ثورية, والواجهة السياسية ذات الشرعية تحتاج للشرعية للإطاحة بها, وهذه القواعد الصارمة لها كبير الأثر علي ثبات الرأي العام, لأنها تجعل المواطن لا يقدم علي أي تحرك في الشارع إلا بعد يقين كبير من أهمية التحرك, وبالتالي فيجب ان تكون قواعد اللعبةالسياسية غاية في الوضوح وغاية في التعقيد في ذات الوقت.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.