الأيدلوجية الإنفصالية - التمثيل الشعبي 1



سجلت الثقافة المصرية تطورا تاريخيا يجب رصده وتحليله والوقوف عليه مليا, وهو رفض الديمقراطية القائمة علي تمثيل الأغلبية.
ويرجع هذا الرفض لتنوع المجتمع المصري واحتواءه علي عدد كبير من الثقافات والتي لا تحقق الأغلبية ولكنها تحقق الأكثرية.
ومن الملاحظ أن هذا التنوع الثقافي من المرونة الكافية لتحقيق تآلفات غير تقليدية قادرة علي هدم النظام الديمقراطي القائم علي الأكثرية.
فيكون دائما الفصيل صاحب الأكثرية مهددا بالانهيار نتيجة الضغط المستمر من تآلفات سياسية ترفض حكم الأكثرية, وهذه التآلفات توصف بأنها غير تقليدية لأنها يمكن أن تبني علي توافق المصالح بالرغم من الاختلاف الأيديولوجي لأفراد الائتلاف.
ويمكن تسمية هذه الائتلافات السياسية بالانقلاب السياسي علي الديمقراطية.
فلا يكون لدي المواطن المصري الساعي بشكل دائم للاستقرار إلا إنكار الديمقراطية ذاتها, والتخلي عن الحلم السياسي والطموح الشعبي في الحرية.
وبتحليل الديمقراطية القائمة علي الأكثرية نجد أنها بالفعل لا تعطي التمثيل الكامل للشعب, ولكنها تعتمد علي تمثيل جزئي بشكل لافت.
لان المجالس النيابية – وهي المسئولة عن التمثيل الشعبي في النظم الديمقراطية – لا تحتوي علي التمثيل الكامل والعادل للأحزاب الوطنية وأطيافها الثقافية, وذلك لاحتوائها علي فرص محدودة لا ينالها إلا أصحاب الأغلبية الأعلى فالأقل.
وقد تجد داخل المجتمع عددا كبيرا من الأحزاب والتيارات السياسية والفكرية غير ممثلة إطلاقا داخل المجالس النيابية.
كما أن آليات التعبير عن الرأي من استفتاءات وانتخابات لم تحقق للمواطن المصري النتيجة المرضية ولا التوافق ويمكن إضافة التشكك في نتائجها ونزاهة العملية الانتخابية, لنصل لنتيجة مفادها أن الشكل الديمقراطي الحالي لا يمكن أن يحقق التوافق المبني علي المصالح المشتركة داخل بيئة خصيبة فكريا وسياسيا مثل البيئة المصرية.
وما نجاحها في الدول الديمقراطية إلا لانخفاض خصوبة البيئة الفكرية داخل المجتمعات الديمقراطية.
فعلي سبيل المثال تكوين وتواجد تيار سياسي اشتراكي داخل دولة رأسمالية هو أمر غاية في الصعوبة, والعكس صحيح...
فالاتساق المجتمعي يعطي فرصة كبيرة لنجاح الديمقراطية, ولكن المجتمع المصري منفتح ومثقف وحضاري بشكل ملفت...
فهو مشكل أساسا علي التناظر الفكري بين كافة التيارات السياسية العالمية بكل أنواعها, ويعتبر السوق السياسي المصري سوقا جيدا لترويج الأفكار السياسية والفكرية وتحليلها ونقضها.
ويمارس المواطن المصري السياسة علي كافة مستوياتها داخل البيت والعمل والمقهى...
وبالتالي فالنموذج الديمقراطي وعيوبه أمرا يمكن التعاطي معه, وهدمه بمنتهي السهولة...
حتى الحروب من الجيل الرابع, تعد لعبة أطفال أمام سياسيين محنكين وشعب يتعاط مع الخطر وجها لوجه.
من أجل الوطن يموت رافعا رأسه مبتسما...
من أجل الوطن يقتل رافعا رأسه مبتسما...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.