تعريف الحب



علي مدار عقود طويلة, رسمت الأشعار والمؤلفات الرومانسية صورة مغلوطة للحب.
وللأسف ساعدت الأفلام والأغاني حديثا في ترسيخ تلك الصورة عن الحب في نفوس البشرية.
ولكنني اليوم - وعلي الرغم من اعتقادي التام بعدم قدرة نظريتي علي الانتشار والإقناع- أقدم لكم تصورا نفسيا وعلميا عن الحب.
الحب هو احد الغرائز الموجودة في النفس.
ومن المعروف إن الغرائز عموما موجهة نحو البقاء كالعطش والجوع والكساء والأمان والحب وغيرها من الغرائز البشرية.
وتستنفر تلك الغرائز في حالة وجود تهديد قوي لبقاء الإنسان, وتعطل تلك الغريزة عند وجود الحد الأدنى من الاكتفاء.
وهناك نوعان من الطرق للتعامل مع الغرائز.
هناك نوعا من البشر لا يطالب بتحقيق الغريزة إلا في حالة وصوله لمرحلة الطلب.
هناك نوعا من البشر يعتبر انخفاض المخزون الآمن هو في حد ذاته داعيا لطلب المزيد.
عموما وفي كلا النوعين يعتبر التهديد الأقصى لاستنفار الغريزة هو النقص المؤدي للهلاك.
متى يشعر الإنسان بالجوع؟
متى يشعر الإنسان بالحب؟
سؤالين متساويين تماما ....
هناك فارق كبير بين الإنسان وهو يبتاع الطعام لتسقط عينه علي طعامه المفضل, ويشعر بالحاجة الملحة ليكون هذا الطعام لديه.
وبين نفس الإنسان وهو يستعد لتناول الطعام المحبب لديه, وبين ذات الإنسان بعد إن شبع من طعامه.
كذلك هو الحب ....
الإنسان يبحث دائما عن شريكه المفضل....
وهو في حاجة دائما – علي خلاف الطعام – إن يعبر لشريكه عن مدي احتياجه له.
ثم يحصل علي شريكه ويطمأن انه في أمان تام مدي الحياة.
و يتناوله ليشعر بالإشباع.
هنا نتوقف عند نقطة غاية في الأهمية
تتبادل الأطراف الاتهامات حول الحب وما هيته....
أيها السيدات والسادة
المقياس الحقيقي للحب هو استنفار الخطر, ولهذا يجب إن نقسم الحب إلي مراحل ثلاث
مرحلة الانتخاب والاختيار
وهي مرحلة الخطبة والصداقة وغيرها من المراحل, وهي بالرغم انها مليئة بالمشاعر إلا انها لا تعبر إطلاقا عن الحب, انها تعبر عن مدي احتياج كل طرف للآخر, ولكنها في الإطار السوي لا يكون "الجوع" عاملا مؤثرا فيها.
مرحلة الممارسة
وهي المرحلة الانتقالية والتي تمتد بين الخطبة والسنة الأولي من الزواج, وهي تتشابه مع مرحلة الجوع وتناول الغذاء المحبب.
مرحلة الإشباع
وهي المرحلة الأخيرة حيث يشعر الإنسان بالشبع مع الأمان لوجود الغذاء بشكل كامل, وبالطبع تستمر هذه المرحلة لفترة طويلة ويتخللها من وقت لآخر الجوع وتناول الغذاء ثم الشبع وهكذا.
يعتقد الناس نتيجة التصور الخاطئ عن الحب إن هناك فتورا كبيرا يصيب الأزواج إصابة عاطفية, والحقيقة إن الأمر ليس كذلك, انه شعور بالأمان وتلذذ الطعام المفضل.
ولا يوجد ما يسمي الحب الساخن دائما, لان الغريزة لا تستيقظ لدي الإنسان إلا في مرحلة الممارسة, حيث يتوافر شروط محددة
1-      غياب المحبوب
2-      الرغبة في المحبوب
وبالتالي فالاختبار الأصعب لدي كل المتزوجين هو الانفصال, سواء لفترة طويلة أو الطلاق.
وللتأكيد علي هذا يجب أن تطرح علي نفسك الأسئلة التالية:-
هل لدي الآخر قدرة في العيش بدونك؟
هل لديك القدرة علي العيش بدون الآخر؟
إذا كانت الإجابة بلا فهو الحب, وما علامات الفتور إلا بسبب الإشباع والأمان, وهي مشاعر جيدة أصلا وليست سلبية علي الإطلاق, حيث شعور الحبيب بالإشباع والأمان في تواجدك الدائم معه هو الحب ذاته.
وما مشاعر الحب المعروفة لدينا إلا مشاعر الاحتياج والضعف, ولا تراها إلا في حالات الحزن الناجم عن الانفصال, أو الرغبة الغير قابلة للتحقيق نتيجة عدم احتياج شريكك المختار لك بنفس الدرجة.
راجعوا معي تلك المشاهد
1-      مشاعر الحب من طرف واحد.
2-      مشاعر الاشتياق للمحبوب.
3-      مشاعر الغيرة.
4-      مشاعر الفراق وآلامه.
5-      مشاعر الخيانة.
6-      مشاعر الرفض.
هذه المشاعر في مجملها تصف مشاعر الحب المعروفة لديكم.
وجميعها ترسم ملامح الاحتياج والألم وعدم الإشباع.
بينما الحب هو مجموعة من المشاعر الإيجابية التي تدفن بشكل كبير خلف ستار من الكتب والأفلام والأغاني التي تركز علي المشاعر السلبية فقط وتصفها بأنها مشاعر الحب.
الحب أيها السادة هو الشعور بالأمان.
الحب أيها السادة هو الشعور بالثقة.
الحب أيها السادة هو الشعور بالإشباع والامتلاك.
ولا تصدقوا إن الحب يصفه روائي أو شاعر أو كاتب...
لأنه لا يري من الحب إلا ما لا تطاله يده....
ولأنه يريد تماما إن يكون جميع الناس تشعر بالحب مثلما هو يراه ويشعره, وإن وجد الحب الحقيقي ما عبر عنه بكلمات حارة ساخنة.
ولكنه كان سيعبر عنه بكلمات هادئة ورزينة ومليئة بالثقة....
هذه كلمات إنسان
وليست كلمات تتعمد خلق مشاعر سلبية بداخل نفسك
فحكم عقلك واختار أي حب تريده

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.