طور التحول - دعم المنتج المصري


لا يوجد أي تفسير للإجراءات المالية والإقتصادية للبلاد إلا محاولات دعم المنتج المصري ...
سواء الزراعي أو الصناعي....
ولكن ليس شكل الدعم الحكومي المقدم لمجموعة من المنتجات علي هيئة وفورات ضريبية أو فروق سعرية تدفعها الحكومة للمنتجيين الوطنيين...
بل من خلال دعم المواطن للمنتج المصري بتفضيل سعري عن المنتج المستورد....
فبدأ من فرض الضريبة علي القيمة المضافة بديلا عن ضريبة المبيعات....
إلي رفع سعر الدولا مقابل خفض قيمة العملة المحلية....
وصولا لعدم قدرة المواطن لشراء المنتجات المستوردة وتوجهه لمنتج مصري, هذا كله هو مفهوم الحكومة الحالية لدعم المنتج المصري....
فهي تري ان المواطن هو الداعم الأساسي لصناعته الوطنيه....
ولتنمية جودة الصناعات الوطنية فالمنتجين في حاجة ماسة لتحقيق ارباح تعادل المنافس الأجنبي....
وهذا ما يحققه الأرتفاع الغير مسبوق للاسعار....
وبالتالي فالحكومة صادقة كليا فيما تنشره بشأن القيمة العادلة للعملة المحلية مقابل الدولار....
تقييما لهذه التجربة بموضوعية نجد أنه ....
أولا هذه التجربة فعليا منفذة من قبل من قبل دول ما يسمي النمور الأسيوية لا سيما الصين التي طالما حافظت علي إنخفاض قيمة عملتها مقابل الدولار.....
ثانيا لا يوجد أي مبرر للمنتج الوطني لتوجيه إنتاجه للسوق المحلي عند وجود فرصة تصديرية وخصوصا في حال تحقيق أرباح أكبر من التصدير, وبالتالي فصناعة منتجات تستهدف الأسواق العالمية تتطلب رفع سعر المنتجات لتتناسب مع السوق العالمي, وهو ما يتطلب تحرير لسعر الصرف, لا ينقص تلك المعادلات إلا تحرير سعر الأيدي العاملة لتواكب مثيلاتها في العالم....
لكن هناك مشكلة رئيسية عن تمثيل التجربة الأسيوية في تدشين الصناعة....
وهي ان الصين والدول الأسيوية المتنامية كانت تنتج منتجات لا تستخدمها....
فتصنع كليا بالمواصفات العالمية وتصدر كليا له, أما المواطن فيستخدم منتجاته الوطنية التقليدية بديلا عن تلك المنتجات المصدرة....
فلا يعني وجود بديل مصري للمنتج أنه يوجد كفاية وتشبع للسوق المحلي, بل يعني وجود منتج فقط لخدمة السوق المحلي...
فأدوات المائدة علي سبيل المثال تصنع في الدول الأسيوية ولديهم البديل المحلي التقليدي....
لعب الأطفال تصنع في الدول الأسيوية وأولادهم يلعبون بالدمي التقليدية الخشبية أو القماشية....
غالبية المنتجات تصنع ولا تستهلك داخل السوق المحلي....
وذلك نتيجة لوجود نمط حياة يستخدم من الأدوات ما لا يستخدمه المواطن في بقية دول العالم....
هذا يعطي الفرصة لتصنيع موجه للتصدير....
ولكن حرمان المجتمع من سلع يستخدمها وتجيهها للتصدير لا يؤدي إلا لتعطيش السوق والضغط علي المواطن....
ولحل هذه المعضلة لدينا إتجاهيين رئيسيين....
الإتجاه الأول هو تغيير سلوك المواطن وصولا للتنميط والإكتفاء بمجموعة من الأدوات أو الأنماط الإستهلاكية المنضبطة كزي موحد او أدوات صناعية محددة وغيرها من اساليب التنميط السلوكي....
الإتجاه الثاني هو دراسة السلوك المصري الحالي وإستهداف الصناعات التي لا تدخل ضمن نمط الحياة للشعب اليوم.....
في جميع الأحوال علي المواطن إدراك أن أية إجراءات إصلاحية من اي حكومة حالية أو سابقة أو مستقبلية, سيقترن بتلك الإجراءات العديد من العثرات....
وان الإرادة الشعبية للوصول بالبلاد لمنطقة آمنة يلزمها العديد والعديد من التضحيات....
وهو ما قدمته النماذج المتحضرة من الشعوب الراغبة في إحداث التغيير....

لم تقدم الدولة عبر تاريخها الحديث الدعم فقط لرجال الأعمال ....
فالدولة كانت تدعم عدد كبير من القطاعات تقريبا كلها....
في صورة دعم مالي وتوفير أسعار منافسة للسلع الأولية والوسيطة ....
ولكنها ايضا دعمت المواطن في التعليم والصحة والغذاء....
بالطبع لا اتحدث عن الفترة التي تآكل فيها الدعم الحكومي لجميع القطاعات وحتي الدعم الحكومي المقدم للشعب.....
ولكنني أتحدث عن تقييم الفترة التي دعمت فيها الدولة رجال الأعمال والشعب علي حد سواء ....
ماذا قدم ذلك الدعم للأمة ؟!!!
هل قدمت رجال اعمال داعميين لتأسيس الدولة المأمولة؟!!!
أم أكتفوا بإستقبال الدعم وتكوين الثروات وظلم البشر ؟!!!!
ماذا قدم الشعب بالدعم التعليمي؟!!!!
هل خرج العلماء وأستوطنوا الأرض ليعمروها؟!!!
أم سبوها وأهانو شعبها واصفين غياه بالجهل ثم هجروها ليعمروا غيرها ؟!!!!
هل أستطعت كفرد الإستفادة من التعليم الأساسي لا سيما المتخصص ؟!!!!
أم أنها مجرد ورقة للتمييز الطبقي ؟!!!!
علي كل حال....
نحن بصدد سياسة جديدة كليا للدعم كما اشرنا سلفا
سيقدم الشعب الدعم لصناعاته الوطنية....
ليس بشراء المنتجات المصرية وحسب....
بل وإعتزال السلع الموجهة للتصدير.....
ومن المتوقع تأسيس رأس مال وطني مستفيد من هذا الدعم, وهو الشخص المنتج زراعيا أوصناعيا أو خدميا ....
هل سيهتم رجال الأعمال الجدد بالهدف الرئيسي لصناعتهم, ام أنهم سيعتقدون أنهم هنا من أجل سماتهم الشخصية الفريدة ؟!!!!!
هل سيخطون بمجتمعهم قدما , أم أنهم سيسيروا في ركب سابقيهم من رجال المال والأعمال ؟!!!!
عندما يقدم الشعب الدعم لوطنه, من سيدعم المواطن ؟!!!!!
إن دعم المواطن هو شئ وظيفي يستهدف تقديم سبل الحياة الكريمة للمواطن الشريف, ومساعدته في بناء مجتمع قادر علي فرض السيادة علي اراضيه وموارده, ويحقق التنامي الإجتماعي والإقتصادي للوطن....

من هذا المنظور يكون الدعم القانوني هو أهم أشكال الدعم التي تقدمها الدولة للمواطن, لمساعدته علي تأسيس المشروعات الإقتصادية والإقتراض وتيسير السبل لتحقيق النجاح بشكل يوفر له حياة كريمة, وتمكنه من إستغلال الأرض والموارد بفاعلية....
ويكون الدور الحكومي في هذا الإطار تنظيمي وتشريعي....
ولعل أهم القوانين المعرقلة للوطن هي قوانين العمل المزدوج, حيث الكثير من الجيل الناضج هم غير قادرين علي تأسيس اعمال إقتصادية بسبب منع القانون إزدواج العمل, علي الرغم من إمكاناتهم العلمية والمادية والإجتماعية علي تأسيس مشروعات إقتصادية ناجحة, وقيادة المجتمع نحو الإستقرار الإقتصادي, بل والإكتفاء الذاتي في حد ذاته....
إن تمكين الرجال هو شكل من اشكال الإنتفاع بالدعم وخاصة في مجال التعليم....
فالتعليم والطاقة البشرية مورد مهدر نتيجة لعدم وجود الدعم القانوني للمواطن....
وكذلك القوانين المانعة لتأسيس مشروعات في مجالات معينة, سيما الصناعي منها والمتعلق بإستغلال الموارد الطبيعية ....
أعتقد أن المواطن قادرا علي التخلي التام عن الدعم المالي في حال وجود بدائل قادرة علي تحقيق الحياة الكريمة له ولمستقبل أولاده....
وهذا لن يتأتي إلا بوضع الثقة في رجال الوطن والذين أنتفعوا بدعم مالي كبير وهم قادرين علي قيادة الساحة الإقتصادية للبلاد نحو الرخاء, فقط إن تيسرت لهم السبل القانونية الداعم لتوجهاتهم....
بإختصار شديد....
جيل الرجال قادر علي التوسع الأفقي وضرب المثل وقيادة الشعب نحو التخلي عن الدعم المالي, كل ما نطالب به هو تيسير السبل القانونية والدعم الفني لمشروعاتنا .....

التوجه الحكومي والشعبي نحو الإنتاج -الصناعي و الزراعي - يعني ضرورة توفير الأدوات والمواد الأولية
ولهذا يجب علينا الإسراع في تأسيس مجموعة من المشروعات التي توفر الأدوات الصناعية, والمشروعات التي توفر المواد الأولية....
لاننا لا نريد ان نثقل ميزاننا التجاري بإستيراد الأدوات والمواد الأولية في الوقت الذي نبحث عن تحسن اوضاعه بالتوجه للتصدير....
هل لدينا من العلم ما يكفي لتأسيس مشروعات عاملة علي توفير هذه المتطلبات....
بكل تأكيد العلوم الأساسية التي تلقيناها تمكنا من ذلك ...
كل ما نحتاجه - كما أشرت سلفا - الدعم القانوني المنظم للسلوك...

يجب أن تنتهي المرحلة الأولي المعنية بإستغلال الموارد بحلول عام 2020 والتي ستكون نهايتها محددة للبدء بخطة التنمية الشاملة مصر 2020 والتي أعلن عنها السيد رئيس الجمهورية.
وهذا يعني أن الزمن الباقي للإنتهاء من المرحلة الأولي يساوي تقريبا ثلاث سنوات, وهو ما يعني الإسراع بضم قطاعات أخري من الشعب لمرحلة الإستنفار والإستعداد للمرحلة الثانية من مشروع الإصلاح الإقتصادي....
ولهذا يجب علي الدولة ومؤسسات التمويل المالي زيادة الدعم القانوني والفني للمشروعات المقدمة من الشباب وصغار رجال الأعمال للمساعدة في تأسيسها وإداراتها وقيادتها نحو النجاح....
وخاصة في مجالات صناعة الأدوات والبحث العلمي والصحة والتعليم....
بمعني أكثر دقة يجب تمكين كل شاب يمتلك 50000 جنيه أو أكثر من تأسيس منشأة إقتصادية تحقق له ولأسرته حياة كريمة , وتحقق للوطن منفعة حدية من الإستثمار في مجال الطاقة البشرية وإستغلال الموارد....
سيحقق هذا النموذج إنتشار للصناعات الصغيرة في مناطق نائية حيث توافر الموارد, وهو ما يعني إنتشار الطاقة البشرية لتغطية مساحات أكبر, وإستغلال أكبر للموارد....
يجب أن نفرق بين المنتجات الموجهة للسوق المحلي وتلك الموجهة للتصدير وتحقيق الإستقرار الإقتصادي لتلك الأنشطة
يجب ملاحظة ان الفترة حتي 2020 سوف تستهدف إنتاج الأدوات للقطاعات المحددة سلفا...
بمعني أن إستهداف قطاع المنسوجات والجلود عام 2020علي سبيل المثال, يعني أنه يجب تكثيف المشروعات التي تقدم الأدوات لهذه الصناعة قبل حلول عام 2020.
فيجب إستهداف زراعة ما يلزم لإنتاج المنسوجات من نباتات, وتربية مستهدف من الحيوانات لصناعة الجلود, وإستهداف الصناعات التي تقدم الأدوات اللازمة لصناعات النسيج والجلود قبيل عام 2020.
وهكذا في بقية القطاعات .....
يجب أن تنتهي مرحلة إعداد المواد والخامات قبل حلول عام 2020, لان هذه المواد والخامات والأدوات هي ما ستدفع المرحلة الثانية قدما....
وهي مرحلة الإنتاج الزراعي والصناعي الكثيف....
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام .....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.