مذكرات - 3



التعريف بالحقبة التاريخية التي أعيشها.
أعيش في زمن يرفض فيه المجتمع السلطة, والقائمين علي السلطة لا يسعون لتقديم المزيد للمجتمع, والكيانات السياسية لا تستطيع تلبية مطالب المجتمع, ولكنها تتناحر والقائمين علي السلطة, وتتناحر فيما بينها, ومؤسسات المجتمع المدني تبحث عن المجتمع فلا تجده, والمجتمع متأكد من عدم نزاهة أي فصيل أو شخص أو تيار يحمل شعارات من شأنها تحريك الشعب نحو فكرة التنظيم...
ولكنه لا يزال يطالب...
"الشعب يريد"
شعارا أجوف حمله تيار شبابي مكون من مجموعة من الفصائل مختلفة الأيدلوجيات لإحداث تغيرات سياسية واجتماعية خطيرة, وبالفعل نجح هذا التيار مرحليا في إحداث التغيير الذي يحمل في طياته أمل في تحريك المجتمع الساكن, وتجنيب السلطة الفاسدة والمؤسسات الخاوية وإعادة الحكم والانتماء للشعب.
ولكن ما باتت المؤسسات جميعها تحارب التغيير بطرق شتى...
فالقائمين علي السلطة تجمعت إرادتهم حول إفشال ذلك الحراك المجتمعي, والتيارات السياسية تفرقت حول الأيدلوجية المشكلة لمستقبل الوطن, وبين تجمع المنهزم وتفرق الممثلين السياسيين تم وضع الحراك المجتمعي الشاب بين فكي الرحى, والذي أسفر عن مقتل آلاف من الشباب المصري المخلص لقضايا الوطن, وتعرض الآلاف للسجن والاعتقال والإصابة.
وفجأة بات جليا أن الإرادة وحدها لا تكفي, فالعلم بخفايا الأمور ضرورة حتمية للتغير, فالمجتمع يجب أن يكون علي علم تام بأبعاد التغيير, وطريقة التغيير, وأهداف التغيير, والقائمين علي التغيير, ويؤيد هذا التغيير بكامل أركانه, وقبل كل ذلك لا يطالب به...
بل يصنعه...
"الشعب صانع التغيير"
للشعب صانع التغيير سمات غير متوفرة في المجتمع بشكله الحالي, فالتشكك والانعزال والذاتية والسلبية وفقدان الأمل, هي صفات لا يمكن أن تصنع مجتمعا قادر علي تقديم حامل لواء التغيير, بل علي العكس تماما, فإن حامل لواء التغيير قد يواجه بمجموعة من المرتزقة العاملة علي تشويه الرأي العام حول هذا التيار, كما أنه بكل تأكيد سيواجه مجموعة من المنتفعين الذين لا يرغبون إلا في تقدمهم للصفوف ولو كانت الدولة كوما من الركام, وذلك في كافة قطاعات الحياة العملية والسياسية والاجتماعية والتنظيمية.
كما أن الشعب صانع التغيير يمتلك سمة رئيسية يمتلكها المجتمع بشكله الحالي, وهو الرغبة وحتمية التغيير من أجل مستقبل أفضل.
ومن هنا نستنتج أن هناك مجموعة من الصفات يجب غرسها في المجتمع وترسيخ وجودها, بشكل يؤثر علي سلوكياتهم وطريقة تفكيرهم وإدراكهم للوطن ومشكلاته.
هذه الصفات تتلخص في...
الثقة – الاتصال – الإيثار – الإيجابية – الطموح – الدفاع عن الحق – تقديم الأكفاء .
بكل تأكيد لن يستمر المجتمع في هذه الحالة لفترة طويلة, بسبب تردي الأحوال المعيشية للمواطن, وتردي الحالة الاقتصادية للبلاد, وتردي نظام الحكم ومنظومة الإدارة, ولكن الاحتمالات تنبئ بكارثة...
الانقسام وهو أحد الاحتمالات الواردة بسبب الاختلافات الأيديولوجية للكيانات السياسية.
الانهيار وهو أحد الاحتمالات الواردة بسبب الفساد والقمع.
البطش بقوة الوطن الضاربة المتمثلة في شبابه وهو أحد الاحتمالات الواردة بسبب سوء التنظيم والجهل بإدارة الدولة, وانعدام القدرة علي التمييز بين الطيب والخبيث.
والفارق بين الحياة والموت هنا هو قرار شعبي بحت...
إما إعادة المطالبة بالتغيير... أو صناعة التغيير ذاتيا...
للأسف الشديد توقعاتي في هذه المرحلة ليست إيجابية, وقد أكون مخطئ في تقديراتي بسبب تعرضي للمواقف الحياتية المؤثرة علي تفكيري, ولكني سأسردها كنوع من التذكير...
لحين تفهم المجتمع للفارق بين صناعة المصير والمطالبة به, وبالتالي الشروع والنجاح في صناعة التيار الشعبي الحقيقي القادر علي قيادة البلاد بنوايا وطنية حقيقية...
سوف تضرب البلاد موجة أو أكثر من الموجات الثورية المطالبة بالتغيير وبحقوق المجتمع, والتي ستواجه بأشكال متباينة من الحروب ضد الإرادة, وهو ما سيضع البلاد في أحد الإحتمالات التالية :-
الاحتمال الأول وهو تعرض البلاد لأحد الاحتمالات الكارثية سابقة الذكر.
الاحتمال الثاني وهو إنهزام الإرادة الشعبية المطالبة بالتغيير, والعودة لأعراض الانفصام المجتمعي.
الاحتمال الثالث وهو صقل معرفة المجتمع بحقيقة الأمور ودفعه للتنظيم والعمل الجمعي, وتدشين مشروع وطني قادر علي نصر الإرادة الشعبية.
وقد تكون هذه الاحتمالات هي مجرد مراحل متباينة من الصراع بين الشعب والسلطة.
وبالتالي فستقدم الأيام القليلة القادمة مؤشرات قوية حول :-
الموحدالإرادة الشعبية: ومقياسها هو استمرار المطالبة بالتغيير أو الخضوع لما هو كائن.
التواطئ السياسي: ومقياسه استمرار تناحر
الفصائل السياسي بما يمزق الصف الثوري.
الوعي المجتمعي: ومقياسه هو اتجاه الشعب للتنظيم الذاتي بديلا عن استجداء حقوقه.
تماسك المجتمع: ومقياسه هو تصنيف المجتمع لذاته كفصيل واحد ومصير واحد لوطن واحد.
بشكل عام وبكل تأكيد, ستكون العشر سنوات القادمة هي مرحلة تاريخية في المنطقة, وقد يمتد أثرها ليشمل التاريخ الإنساني ذاته,,,

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.