ملاحظة جديرة بالتدوين - ميتافيرس

بسم الله الرحمن الرحيم
في برنامج " العام مليون" علي قناة ناشيونال جيوجرافيك العربية, قدمت الشركة المصممة لبرنامج "العالم الثاني" تصورها عن مستقبل "الادراك الرقمي" وما يتيحه المعالجة الحاسوبية الايونية من ثورة في إمكانات البرمجيات الاتصالية, وخاصة تلك المتعلقة بالتمثيل الاجتماعي للفرد والمجتمع والبيئة.
لا جدال بأن برنامج "العالم الثاني" من التطبيقات الملفتة للنظر, وتثير فلسفته الكثير من الجدل, ولعل ما يتسم به التطبيق من تعقيد, أحد أسباب عدم بلوغه ما تتيحه إمكاناته من نجاح.
ولكني كنت من اوائل المجربين لذلك التطبيق مستكشفا إمكاناته, بالفعل كانت تجربة شيقة, ولكنها تعد مكلفة للبنية التحتية الرقمية, وينقصها عدد كبير من الادوات التي تجعل تجربة المستخدم أكثر سهولة.
إعجابي بهذا البرنامج كتطبيق لمفهوم الواقع الافتراضي, يعد أكبر من إعجابي ببرامج اتصالية أكثر إنتشارا كالفيس بووك أو تويتر أو غيرها من أدوات التواصل الاجتماعي ذات القبول الاجتماعي الواسع.
ولكني اتفهم مدي تمسك البشر ببشريتهم وإستخدامهم للبنية الرقمية كأداة يستخدموها, ورفضهم أو مقاومتهم لبنية رقمية تستخدمهم كمورد.
 "عقول ذكية تغذي الذكاء الآلي بالذكاء, الذي لا يمكن تخليقه إﻻ داخل عقول البشر".
فحيث ان الذكاء يعد المكون الرئيسي للذكاء الصناعي, وحيث ان الذكاء لا يمكن تخليقه آليا, فعلي البشر تقديم المورد الرئيسي للآلة -ألا وهو الذكاء- من مصدر بشري متمثلا في الادراك.
هذا يعيد البشرية لعصر الاضاحي البشرية لآلهة من صنع البشر أنفسهم, حيث ستعمل الشركة التي تعمل علي تطوير برمجيات الميتافيرس علي تشجيع البشر في تقديم وعيهم رقميا وإليكترونيا في تجربة إفتراضية ينخرطون فيها بحياة رقمية محسنة بوسائل اللمس والشم والتذوق وغيرها من الحواس الفائقة, ليعيشوا بشكل كامل داخل عالم رقمي إفتراضي يتم فيه تمثيل الفرد والمجتمع والبيئة بشكل محاكي للعالم.
بالرغم من تحمسي الشديد لكل ما هو جديد ومبتكر, وبالرغم من رفضي الدائم للوقوع تحت تأثير مقاومة التغيير, إﻻ ان هذا الطرح للمستقبل, قد ﻻ يناسب شخصيتي علي أقل تقدير.
وقد يرجع ذلك لأحد سببين:-
السبب الاول طرح القائمين علي تقديم البرنامج و أهمهم ممثل الشركة للمشروع, أجده طرحا مريبا كثيرا, تستشعر فيهم استخدامهم كافة وسائل الاقناع لديهم لاقناع الجمهور بامكانية تحقيق طرحهم والمبالغة الشديدة في اهميته وضرورته للجنس البشري ,وتجدهم غالبا مستهتريين بعدد كبير جدا من القيم الانسانية بمفهومها الحالي.
السبب الثاني هو طبيعة شخصيتي التي تحب الحياة بمفهومها الحقيقي, فالحياة لا تتوقف عند كونها حاسة يمكن تجسيدها رقميا, لأن حينها ستتحول بيئة ميتافيرس لمخدر يلجأ إليه الانسان هروبا من واقع, وهذا ما يدفعنا لمعضلة أخلاقية كبرى تنبئ بإمكانات جديدة لإستغلال البشر, ولكن يفترض بالامكانات الرهيبة للمعالجة الحاسوبية الايونية ان تدعم قدرات الحاسب علي تغيير الحياة البشرية للأفضل, لا للهروب منها وتسليم الانسان لإدراكه بإرادته الحرة.
لقد ضربوا أمثلة غاية في الخطورة للحالات التي يمكن ان يلجأ فيها الفرد للميتافيرس...
المثال الاول: عندما تفتقد شخصا ميتا وتريد ان تظل معه, فتتوجه لتدخل إلي عالم ميتافيرس والذي تقابل فيه الشخصية إفتراضيا.
المثال الثاني: عندما يصاب الانسان بالاحباط من حبيب, فيلجأ للميتافيرس ليحيا في قصص من الحب رقميا.
بشكل او باخر يرتبط ذلك الموضوع بتجربتي عن التواصل الاجتماعي, وسأعيد الكتابة في ذلك الموضوع مستقبلا.
ولكن علي تحليل أكبر لهذه التجربة.
#الموحد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.