الحياة

بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم لا يمكنني التعجب من عدم توصل العلم لتعريف واضح عن الحياة….
فالعلم المتخبط في تعريف المادة أصلا كيف له إدراك تعريف الحياة….
في بدايات سعي للحصول علي الحكمة والتي تلمستها مبدئيا في أقوال الفلاسفة, وضعني أحد الفلاسفة الهنود علي السلمة الاولي في ذلك الصرح المرتفع, وحينها أكتشفت أني في قاع مظلم من الغفلة,,,,,
لا تشملني تلك الغفلة وحدي, بل وكل من يحيا وهو لا يعلم عن تلك الافكار شيئا, وبالتالي فهي تشمل البشر جميعا تقريبا فيما عدا تلك الطبقة من الناس الذين يناقشون بجدية وجودهم الانساني وتداعيات هذا الحضور البشري علي مستوىات الزمن والمادة وحتى الحياة نفسها.
كانت مناقشاته عن السلطة والفرد والمجتمع مثيرة للدهشة, ولكن السلمة الاولي الحقيقية كانت أسئلته عن الحياة وتعريفها, والتي لم يصل فيها لقول فصل إﻻ لو تلمسنا حكمته في إعلام البشر بأنه لا تعريف لديهم واضح عن الحياة, وبالتالي حثهم علي الاستمتاع بها والتأمل فيها, كدرسا فلسفيا للجمهور.
ولكن وقبل تعرضي لهذا الفيلسوف وقبل تطرقي لعلوم الفلسفة, كانت العلوم التطبيقية تجذب إنتباهي بشدة, ولقد أشرت في مقال سابق عن التجارب الاحيائية البيلوجية الحديثة, وكنت قد تطرقت لضرورة وضع تعريفا موحدا للحياة خارج التعريف البيولجي الضيق للحياة, وكان حينها لدي تصورا ان من وجهات نظر عدة يوجد عدد كبير من التعريفات للحياة وهذا سبب التضارب في مفهوم الحياة, ولكني لم أكن أتصور وجود غياب للتعريف الفلسفي للحياة, وبالتالي فتوافقت آرائي العلمية مع آراء الرجل الفلسفية في ضرورة وضع تعريف محدد للحياة, ولهذا أسميها السلمة الاولي في صرح الفلسفة.
ولكننا وقبل الوصول لتعريف الحياة نشهد اليوم توجها لضم الادراك كأحد المفاهيم المثار الجدل حولها بسبب التطورات التقنية المتلاحقة في مجال التكنولوجيا.
وبالتالي فهناك تراخ عالمي شديد في البحوث الفلسفية مقارنة بالتوسع الكبير للبحوث التطبيقية, وهنا يجب الاشارة الي انه لاطالما كانت العلوم الفلسفية تقود الطريق للإستكشاف,ولكننا اليوم نجد العلوم التطبيقية تشكل مستقبل الفلسفة وتحدد موضوعاته وتضع امامه التحديات.
بغض النظر عن التحيزات المعرفية المرتبطة بقناعاتي الشخصية بضرورة التوسع في مجال البحوث الفلسفية لتسترد مكانتها في قيادة التقدم البشري, ولكني أعتقد بشدة, أن أهم جزء من تفوق الانسان كجنس رائد "قدرته علي تفهم وتصور أمور خارج نطاق حواسه" وتعتبر الفلسفة هو التطبيق البشري الامثل لهذه الخاصية, فيستطيع الفلاسفة وضع الاحتمالات وتصور التغيرات واستكشاف المستقبل بشكل عقلي قبل المضي قدما والتوغل التجريبي في ظلمات الجهل.
ولقد خبرت هذا الشعور مرات عدة وخاصة فيما يتعلق بالتجارب العملية, وإستعمالي للفلسفة لتحليل الموقف قبل البدء في التجربة, ولابد ان جميعنا بشكل أو بآخر خبر هذا الشعور, ويعد الفلاسفة هم أمهر البشر في إستخدام تلك الخاصية, وصورتها الاروع هي الفلسفة الدينية, والتي تضع تصورا لامتناهيا للحياة, وتقسم الحياة لمراحل, وتطلق المسميات, وتسبب الوجود وتشرح بدئه ونهايته.
ولكن جميع أنواع الفلسفات هي ناتجة بشكل مباشر من عقل بشري متألق ومستشرف, ففي الوقت الذي تسعى فيه البشرية لتوظيف طاقات البشر البدنية والفكرية, علينا جميعا تصدير الفلسفة في واجهة المستقبل ليستشرفوه لنا قبل المضي قدما متوغلين في غيابات الجهل.
#الموحد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.