الأيدولوجية الانفصالية : منظومة العدالة الجغرافية – منظور دولي 1

بسم الله المقتدر

تعاني دول العالم الثالث غالبا من فشل منظومة العدالة في تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية, وقد يطول الفشل في منظومة العدالة تحقيق العدالة القانونية ذاتها.
ويكون في هذه الحالة المعني بتحقيق العدالة هو نظام الحكم التنفيذي متمثلا في الحكومة, التي تواجه الاتهامات الشعبية والضغط السياسي المعارض باستخدام هذا المطلب الشعبي بتحقيق العدالة الاجتماعية, وغالبا ما تعجز الحكومات في العالم الثالث علي تحقيق هكذا مطلب, متعللة بندرة الموارد, او بانخفاض كفاءة الأيدي العاملة, او الفقر وغيرها من المبررات الحكومية التي تفشل غالبا في احتواء الحراك المجتمعي المطالب بالعدالة الاجتماعية.
فتعمد الحكومة إلي استخدام العنف مع تقليل سقف الحريات, وتبعد نقاط التوافق المجتمعي السياسي تدريجيا لتصل الحكومات للمربع "صفر" وهو مربع الحجر السياسي للحكومة علي الإرادة الشعبية, وفصل الدولة تماما عن الشعب.
ولكننا علينا نحن الشعوب أن نعرف حقيقة المشكلة قبل الشروع في المطالبة بالعدالة الاجتماعية, ان مشكلتنا هي مشكلة المنظومة العالمية ذاتها.
وتبدأ مشكلة العدالة الاجتماعية فعليا مع بدايات الحرب العالمية الثانية, عندما فشلت الحرب العالمية الأولي في وضع منظومة عالمية تحتوي الجميع, فواجهت دول أوربية عدة صدمات اقتصادية وسيطرة خارجية دفعتهم للحرب العالمية دفعا, مطالبين بتحقيق عدالة اجتماعية, في اعتراض علي السلطة الحقيقية للعالم, ولكن المنظومة العالمية المنتصرة في الحرب العالمية الأولي دافعت بشدة علي النظام العالمي الجديد ومكتسباته, ومع بعض التعديلات الطفيفة خرجت الحرب العالمية الثانية بنظام عالمي يرضخ إليه وينصاع لإرادته عدد أكبر من دول العالم.
في الحقيقة لم تكن الحرب لتنتهي بدون هذا الكم من العنف, لأن الثورة العالمية أو ما يسمي بالحرب العالمية لم يكن لديها نموذج لمنظومة عالمية تحتوي الشعوب وتحقق العدالة الاجتماعية لشعوب العالم مع الحفاظ علي المكتسبات العالمية لإدارة النظام.
عدم وجود مشروع حقيقي لمنظومة عالمية تحقق التوافق أدي بالعالم إلي الانخراط في منظومة عالمية غير مبنية لتحقيق العدالة الاجتماعية, لتنخرط الدول داخل المنظومة العالمية في لعب أدوار محددة, وتتكامل الأنشطة وتحقق ما يعرف بالتجارة العالمية الحرة.
وهي فرصة لكل منتج ان يجد أسواقا عالمية مفتوحة أمام منتجاته.
والوعد الجميل في العبارة السابقة, يواجهه تهديد صارخ لإرادة الشعوب الغير قادرة علي الإنتاج بان يكون سوقا لمنتجات المنتجين, مرغما علي ذلك, فالعالم بين الفرصة والتهديد يعمل وينجح, ثم يعمل ويفشل, وهكذا... فلا تغيير في المنظومة ذاتها حتي بتغيير الحكومات, لأنه من العبث البدء دائما من الصفر, أو هكذا نعتقد...
والحقيقة ان المنظومة العالمية لا يجب ان تتغير بفوضى عالمية, ولكنها وكأي نظام حاكم يجب عليه توظيف الموارد بشكل أفضل, والموارد البشرية هي الموارد الأغلى علي الإطلاق, فنظام الحكم بالتراضي يساعد علي استقرار المنظومة الحاكمة وزيادة مساحة السيطرة والدافعية في الانتاج, يختلف ذلك كليا في حالة منظومة الحكم الغير مبنية علي التراضي, وهذا ما يحدد قيمة السياسي ورجل الإعلام ومدنيي الدولة.
ان المدنيين والسياسيين هم القادرين علي الإدارة والقادرين علي تخطي العقبات شديدة الصعوبة بأقصر الطرق, ويتعرف الشعب عليهم فور رؤيتهم فيتخذهم رموزا مشجعة علي الانتاج.
وسوف يعمل المدنيون الآن علي صياغة نموذج عالمي جديد يهدف إلي:-
- تحقيق منظومة عدالة متكاملة الأطراف لتحقيق العدل كما يتمناه المواطنون, تتكامل العدالة الاجتماعية فيه بالعدالة الاقتصادية والقانونية والثقافية, لتحقيق شعور بالعدل وتكافؤ الفرص لكل مواطن في العالم.
- تحقيق مكاسب عالمية تزيد من الناتج العالمي الاجمالي, وهو العامل الأكثر أهمية لدي الكثير من المنتفعين من إدارة التجارة العالمية, من منتجين ومصنعين وكافة القطاعات التي تقدم خدماتها الداعمة لقطاع التجارة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.