الأيدلوجية الإنفصالية - الخلفاء

"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ"

عادة ما يعرف العرب عموما والمسلمون خصوصا الخلافة علي أنها نظاما للحكم في الدولة الإسلامية, وهي الدولة التي تتبني الدين الإسلامي كديانة رسمية للبلاد, وأحكام هذا الدين تمثل القانون الحاكم بديلا عن القوانين الوضعية.

ومن هذا المنطلق يعرفون الخليفة علي أنه الحاكم المسئول والمعني بتطبيق وصيانة هذا النظام الحاكم, وهو خليفة لرسول الله صلي الله عليه وسلم, ويعتبر الخلفاء الراشدون النموذج الأمثل والتطبيق الأروع لهذه الخلافة.

بينما تعرف الأمم الأخري علي أن الخلافة هو نظام حكم يشبه كثيرا الحكم الملكي من حيث التوارث, وهو حكم يشبه الإمبراطوري لأنه مطلق, وما الخليفة إلا لقب لرئيس هذه المنظومة.

في الحقيقة إن كانت الأسر الإسلامية التي نشأت بعيد الخلافة الراشدة هي معبر عن نظام الخلافة فهي مرفوضة كليا وجزئيا أن تعد نظاما للحكم في الدولة الإسلامية لا سيما المعاصرة منها....

ليس هذا رأيي فحسب. بل أن المسلمون أنفسهم أقتصروا لقب الرشاد علي خلفاء الرسول مباشرة, ولم يمتد هذا الوصف لما لحق هذا العهد لأسباب عدة.

أهمها علي الإطلاق العنصرية لأسرة حاكمة, وتقليص الشوري كمبدئ إسلامي لأهواء السلطان....

ولكن ما الذي يميز الخلافة الراشدة عن غيرها من الأنظمة الحاكمة "كالملكية والإمبراطورية والرئاسية وحتي القائمة علي مبدئ الخلافة ولم يطلق عليها الرشد"؟

في الحقيقة أن الخلافة كجزء من الشريعة الإسلامية لم تعكس مفهوم الإسلام الشامل إلا في العهد الذي وعي فيه الحكام والخلفاء لحقيقة الخلافة وحقيقة الإسلام.

فالإسلام ليس دينا قوميا أو عرقيا, ولكنه رسالة الله للعالمين, والخلافة المعنية هي خلافة الله للإنسان في الأرض لإعمارها....

فالخلافة ليست خلافة الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم, ولكنها خلافة الله في الأرض بغرض الإعمار...

والخليفة يعي ذلك كليا....

فلا يفرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوي

ولهذا الإدراك جاءت العصور الأولي بقبول كبير من الأمم التي دخلها الإسلام بسرعة كبيرة

لأن الدين لم يأتي بعنصرية ولا الخليفة جاء ليبسط نفوذه....

لقد جاء الخليفة بدين يسع جميع البشر, وحكمة الخالق في إختلاف الأمم كشعوب وقبائل...

ولهذا....

أعلموا أن الخلافة ليست فقط للمسلمين وليست حكرا علينا, نحن أمة الإسلام نعتقد كليا في أن خلافة الله في الأرض أتت للإنسان عموما

ولهذا قال تعالى:
"وَرَبُّكَ ٱلْغَنِىُّ ذُو ٱلرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَا أَنشَأَكُمْ مّن ذُرّيَّةِ قَوْمٍ ءاخَرِينَ "

ولهذا وجب علي البشر كليا الإعتقاد في أنهم جميعا خلفاء....

ليسوا خلفاء لبشري....

ليسوا خلفاء لرسول....

أنهم خلفاء لله الخالق والمدبر للكون....

والهدف من هذه الخلافة....

هو إعمار الأرض وإصلاح ذات البين....

تفوقوا علي الآخر بقبول الآخر وأخلاقكم وإدراككم لمسئولية الخلافة....

كونوا خلفاء لله حتي تغيرون ما وقع بكم من إستضعاف

"وعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ"

وبالتالي فالخلافة تستطيع وبكل جدارة أن تعبر عن نظام حكم يمكن تطبيقه عالميا,وتبنيه أيدلوجيا , إذا إعتبرنا أن الخلافة ليست حكرا علي المسلمين, وليس المسلمون وحدهم المؤهلين ليكونوا خلفاء الله في الأرض, بل علي العكس تماما, إن لم يتق المسلمون الله, فهم لن يكونوا فقط خلفاء الله في الأرض بل سيخسرون الآخرة إلي جانب خسارتهم الدنيا, ولهذا فعليهم بتقوي الله, ويضعوا رسالته في إعمار الأرض نصب أعينهم ولا يسعون لفسادها...

هذا أصلح لهم إن كانوا يعلمون....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.