الرأي والإنتماء - صراع الأجيال

أعتقد أن مشكلة الثقة بين الجيل القديم والجديد سببها طريقة تفهمنا لأدوارنا, وتفهمنا لمبررات تصرفات الأخرين.
فأعتقد مثلا أن الجيل القديم لا يري فينا الجيل القادر علي تولي القيادة, لأنه يرانا جيلا ليس لديه شخصية واضحة, لاننا نتعامل بشكل يختلف كليا عن تعاملاتهم.
هم يرونا بأعينهم الخبيرة وكأننا لازلنا أطفالا, حتي أنني أتذكر شخصا عزيزا لدي صارحني يوما بضرورة تغيير طريقتي في الحوار لأنها تدل علي ضعف الشخصية أو ضعف الحجة أو لربما تدل علي الكذب....
بينما كان ما ينقضه هو الإحترام المفرط والذي أظهرته لشخصه وضيوفه الكرام....
في جميع الأحوال....
يقودنا هذا إلي مقولة شهيرة تدعونا لمخاطبة الناس علي قدر عقولها....
قد تتسرع سيدي القارئ بأن هذه العبارة صحيحة, وأنها أيضا بديهية وضرورية....
قد تتعجب من شخص مثلي يعيش حياته بشخصية واحدة وطريقة تعامل موحدة في مواجهة كافة البشر والمواقف الحياتية....
حتي إنك قد تقضي ساعات من وقتك في محاولة شرح مزايا التعاطي مع الناس علي قدر عقولهم للوصول لهدف محدد.....
هل تعتقد أن شخصا يعيش بشخصية واحدة لا يعلم أي شئ عن الأدوار الحيايتية المتباينة وما يترتب علي هذه الأدوار من تمثيل إجتماعي ؟!!!!
في البداية أحب أن أوضح أن هناك فترة من حياتي كانت فيها خاصية معاملة الناس علي قدر عقولهم موهبة أكتشفها كما يكتشف الطفل لعبته الجديدة, كما أن مزاياها كانت تدفعني للوصول بها لحدود متطرفة من التباين والإختلاف بين الشخصيات.
في هذه الفترة لم يكن الإنسان بالنسبة لي إلا دمي أجرب عليها نظريات إجتماعية وثقافية من صنيعة خيالي, ولأحقق ذلك علي مخاطبة كل إنسان بقدر عقله, وهو ما يدفعني لتغيير الأمثلة الشارحة وطرائق التعبير وحتي الإشارات والتعبيرات والجمل الإعتراضية, وهذا ما يصحبه تغييرا في لغة الجسد من شخصية لأخري وتغيرا مستمرا في مقدار الثقة بالذات وتغيرات في المشاعر في كثير من الأحيان,,,,,
حقيقة..... كنت يوما أجيد هذا ,,,,
حتي اتي اليوم التي صارحتني والدتي بأن هذا "مرعب".
أمضيت وقتا طويلا جدا مع الشخص الوحيد الذي لم ألقاه منذ أكتشفت لعبتي الجديدة....
أمضيت وقتا طويلا مع نفسي أناقشها وقد تكون الأسئلة التالية صادمة لك سيدي القارئ, ولكنها هامة جدا....
- ما هو حجم الإختلاف بين شخصيتك الحقيقة والشخصية المعتادة التي تمارسها في حياتك اليومية مع الآخرين؟
- ما هو الحجم الأقصي بين شخصيتك الحقيقية وأكثر الشخصيات التي تمارسها في حياتك تطرفا؟
- ما هو حجم الإختلاف بين أبعد شخصيتين متناقضتين تمارسهم؟
- كم شخصية متباينة تمارسهم يوميا؟
- كيف ستتعامل في موقف مع شخصين مختلفين تعامل كل منهم بشخصية مختلفة كليا عن الشخصية الأخري, حتي أن كل منهم لا يتوقع أن شخصيتك يمكنها التعامل بالأسلوب الآخر؟
- كيف ستتعامل في موقف مع شخص يري فيك شخصية معينة, ويراك فجاءة في موقف حياتي بشخصية لم يكن يتوقعها إطلاقا؟
- هل تعلم شخصيتك الحقيقية اصلا .....!!!!!
حقيقة لقد مررت بتجارب مضحكة للغاية ومؤلمة للغاية, حتي إنني لم أكن أعلم أيها شخصيتي الحقيقية من وسط مئات الشخصيات التي أمارسها بتفاصيلها الدقيقة والمتناهية في الدقة.
وعندما تأملت نظرتي للإنسان وعدم تقديري لمئات الشخصيات التي أحاول أن اعبر عن ذاتي بطريقتها, وهو تناقض غريب غير مفهوم....
فكيف لي ان أتلاعب بالعقول البشرية من خلال إستخدام طريقتها في التعبير حتي أفقد طريقتي الخاصة, أنه أمر سخيف أليس كذلك ؟
ولقد فقدت شخصيتي كليا حتي أني لا أعرفها أصلا.... ايهم انا....
لذا أخترت ما أنا عليه الآن
الشخص المحترم العملي المثقف
ولا يوجد اي ضرورة لتغيير ذلك الأسلوب والنمط من أجل اي شخص مهما كان هذا الشخص
فلو كان حكم الشخص المتعامل معي علي أني غريب الأطوار فليكن....
هذا ثمن بخس أسدده لحكمي علي البشر لسنوات عدة....
وأعلم تماما قدرتي علي الحكم علي الأشخاص وتمثيل أدوارها....
وتبليغ رسالتي إليها بلغتها....
ولكني أخترت لرسالتي أن تكون بلغتي....
وتذكروا أني عندما أخترت لنفسي حلة تدوم معي إلي الأبد
كانت أفضل ما لدي....
وليست أسوء ما لدي....
دعني أتسائل عزيز القارئ
هل يمكنك إحداث هذا التغيير في حياتك ؟؟؟؟!!!!!!
أم أنك لا زلت تعامل الناس علي قدر عقولهم, علي الرغم أنهم لا يعاملونك كذلك ؟!!!!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.