الأيدلوجية الإنفصالية - الخلافة

للخلافة قصة مشوقة يجب أن تكون فاتحة هذا المقال
حيث قال الله تعالى للملائكة "إني جاعل في الأرض خليفة"
من هنا تبدأ قصة الخلافة.....
تساءل الملائكة متعجبون " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك!"
قال تعالى "إني أعلم ما لا تعلمون"
ولكن ...هل علم الله في هذا الموقف ظل حكرا عليه, أم أن الله تعالى نقل مسببات وحكمة هذا القرار للملائكة والبشرية من خلال رسالاته؟!!
في الحقيقة إني - والله في ذلك أعلى وأعلم- أعتقد أن حكمة الله في هذا القرار أتضحت في موقفين
الموقف الأول:- 
تعليم آدم عليه السلام الأسماء كلها, وإقرار الملائكة بأن لا علم لهم إلا ما علمهم الله, وهو إقرار منهم بصدق قوله تعالى إني أعلم ما لا تعلمون, فعلم آدم هنا منبثق عن علم الله, وهو ما تجهله الملائكة, وكان ليجهله آدم عليه السلام لولا علمه الله إياه.
الموقف الثاني:-
عرض الله تعالى الأمانة علي السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها, وحملها الإنسان .......
هنا أوضح الله حكمة استخلاف الإنسان للأرض دون الملائكة التي تسبح الله بحمده وتقدس له...
أنها تحمل المسئولية.....
هذه الخاصية هي ما تدفع الجنس البشري نحو الأمام, فتجد الطفل يريد أن يكبر والشاب يريد أن ينضج, والإنسان يبحث عن العمل, والعامل يريد الترقي, والشخص الأعزب يريد بناء الأسرة......إلخ
الإنسان يحمل نفسه المسئولية ويتحملها عن غيره....
فما أسعد الرجال عندما يجد النساء تحمله مسئولياتها, وما أسعد النساء وهي ترعي مسئولية أولادها....
هل حلمت يوما بأن تكون مديرا في عملك....
سيدا في قومك....
لماذا نربي حيواناتنا الأليفة ونرعاها
كلها مؤشرات عن الميزة الأعظم لدي الإنسان وهي تحمل المسئولية تجاه الحياة.
كم هو مؤلم رؤية الأطفال تبكي .... أليس كذلك
فما بالك أن تراها تقتل .....
كم هو مؤلم رؤية الموت حتى في الحيوانات..... أليس كذلك
فما بالك رؤية الموت في الإنسان....
ما هو المؤلم في رؤية أشجار تحترق أو حيوانات نافقة
أنه شعور دفين داخلك بأنك المسئول عن كل ذلك
وما الشعور بالألم إلا نتيجة العجز عن تغيير الواقع وتفعيل مسئوليتك عن هذا الواقع
ولهذا.........
فأول معيار للإنسان الخليفة هو تحميله لنفسه مسئولياته تجاه محيطه, ولا يلقي بالمسئولية علي كاهل الآخرين
"أنت المعني" هي كلمة تتردد يوميا داخل عقل الإنسان الخليفة, ولهذا قد يكون أكثر الناس تهورا في تحمل المسئوليات مهما ثقلت
ولهذا وصفه الله أنه ظلوما جهولا
ظالما لنفسه بتحميل نفسه الأعباء
وجاهلا عن عاقبة تفريطه في أداء الأمانة
أيها الإنسان
تحمل مسئولياتك
لأنها ليست مسئولية غيرك

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.