المطبخ السياسي - صناعة الديكتاتور / الجزء الثالث.


بسم الله الرحمن الرحيم
في هذه المرحلة نود ان نطرح سؤالا هاما ...
هل صناعة الديكتاتور صناعة عرضية ام صناعة متعمدة؟
بمعني اننا نتسائل ...
هل الديكتاتور وليد الصدفة والضغط المصحوب بعزوف المواطن عن الدعم لاختياراته , وهو ما يدفع السلطة إلي قمع المعارضة والسعي للسيطرة علي السلطة؟
ام ان هناك منتفعا يعمل جاهدا علي تحويل السلطة إلي سلطة قمعية بوضعها تحت ضغط لا يمكن إحتوائه إلا بالقمع؟
وفي الحالة الثانية نتسائل مندهشين, لماذا تسعي كتلة المعارضة لصناعة الديكتاتور !!!
عندما ننظر للسلطة كخادم للشعب, وتتوحد الرؤى الحزبية والشعبية والوطنية نحو إعلاء المصلحة العليا للمواطنين وبالتالي المصلحة العليا للوطن, نجد ان نقاط التوافق تكون أكثر من نقاط الاختلاف.
فبالطبع الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء يجب ان يكون هدفا تتفق عليه كافة القوي السياسية داخل الوطن, بينما ان مهاترات نظام الحكم والحريات نختلف عليها او نتفق, لا يصنع ذلك فارقا في الحياة اليومية للمواطن.
فلماذا تكون تلك المهاترات فيصل لدي القوي السياسية لتبرير عدم المشاركة في نهضة الوطن بل وإفشاله وإعاقة طريق السلطة نحو إنجاح مشروعاتها التنموية؟
لن نجد إلا إجابة واحدة عن هذا التساؤل...
لانه في حالة نجاح السلطة في تحقيق أهدافها الرامية لتنمية الوطن, لن يكون أمام المعارضة أية فرصة في الوصول إلي الحكم, فهم بذلك يعتبرون نفسهم قد استسلموا لحقيقة ان السلطة ستظل قائمة ما دامت ناجحة, وسيتغير هيكل الحكم بشكل شكلي بتغيير رئيس الدولة, ولكن لن يتغير هيكل الوطن لتغيير جهة السلطة أو الحزب الحاكم.
وبالتالي فإستمرارهم في المعارضة هو طريقتهم الوحيدة للإستمرار داخل الحياة السياسية, وفرصتهم الوحيدة للوصول للحكم ليس مبنيا علي رفع صرح الوطن, ولكن هدم هذا الصرح ليبحث الشعب عن بديل للسلطة القائمة, وبالتالي يصلون لسدة الحكم.
ونحن هاهنا نحصل علي صراع بين سيئ وأسواء , لان الصراع لا يدعم من يبني صرحا أعلي, ولكن الصراع لمن يحصل علي أعلي مبني حتي ولو كان هذا المبني من طابقين, لذا فعليه تدمير كافة منازل الوطن ليكون صاحب الصرح الأعلي.
كما ان المعارضة المستمرة لا تساعد فقط في وجودهم داخل الحياة السياسية, ولكنها تمنحهم الفرصة ليكونوا يوما ما بديلا للسلطة , ولن يتم ذلك إلا من خلال ممارسة الإفشال المستمر لمخططات التنمية ومشروعات النهضة.
واهم مخططات الافشال هي تشويه صورة الحاكم , وأسواء صورة للحاكم هي الحاكم المستبد القمعي, لأن الخوف من السلطة القمعية لابد وان ينتهي يوما, وهم يعلمون ذلك بكل تأكيد, فيرغبون لو كان قمع السلطة لنشاطاتهم سمة من سمات الحكم, ويتم تصدير هذه الصورة للشعب والذي سوف يقوم يوم بكل تأكيد بدور اليد الباطشة التي تطيح بالنظام وتضعهم علي سدة الحكم.
ومن هذا المنطلق فهؤلاء الساسة لا يرغبون في تقديم أية تضحيات للوطن بل يفضلون من هم لديهم القدرة علي التضحية في سبيل تحقيق أفكارا تصل بهم للسلطة.
كما انهم ليس لديهم طموحا في تحسين نمط الحياة اليومية للمواطن او رفعة الوطن , وإلا سعوا لمنافسة السلطة من خلال المشروعات البديلة والمقترحات الهادفة والنقض البناء, ولكنهم بكل ما يملكون - وهو قليل- يريدون أن يصلوا للسلطة حتي ولو كان ذلك بمنع الوطن من احلام ابنائه.
فصناعة الديكتاتور صناعة متعمدة تهدف لتشويه صورة القيادة لدي الشعب, وتشويه صورة الوطن لدي الغرب, وتشويه احلام الوطن وخفض طموحه, واستغلال النفوذ والتضحية بأبناء الوطن من أجل نخبة لا نعلم كامل أهدافها.
ولا نعلم من أهدافها إلا السيطرة والبقاء في صراع للأقوي, مدمرين طاقات الوطن وأحلامه...
وفي المرحلة القادمة – إن شاء الله- سنتحدث عن مكاسب المعارضة من صناعة الديكتاتور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.