أيدلوجية جديدة – الأيديولوجية الانفصالية 2



كل شيء يبدأ من الصفر...
الخط الزمني للحياة ذاتها بدأ من الصفر...
طريق طويل يقطعه الإنسان بدأ من الصفر...
لا يشعر الانسان بتحقيق الذات إلا إذا قطع طريقه الخاص كاملا, وعادة لا يشعر من بدأوا من حيث انتهي الآخرين بتحقيق الذات...
تحقيق الذات -وهو قمة هرم الاحتياجات الانسانية-هو شعور بالرضا عن الذات ليس من قبل الآخرين ولكنه شعور ذاتي...
يشعر الانسان كم الصعوبات التي واجهها, كم من المصاعب اجتازها وكم منها فشل في اجتيازها, ليشعر بالرضا عن حياته ومشواره العتيد.
كم من البشر يتمنون تسجيل تجربتهم الشخصية عن الحياة؟
كثيرون من يسجلون تاريخهم ويتباهون به في أحاديثهم وقصصهم, ولكن العقبة الأساسية .... ماذا يكتبون؟
لماذا أخترع الانسان كتابة مذكراته؟
لأنه يتوقع انه سيواجه الحياة وسيحقق الأحلام, وفي النهاية يريد أن يري الصورة كاملة... ولكن ماذا إن فشل في تحقيق هذا؟ لن يراها البشر إطلاقا ولن تخرج إلي النور...
الصورة الكاملة للحياة البشرية هي البدء من الصفر إلي تمام الرسالة والغاية...
غير ذلك هي صورة منقوصة...
ولكننا في حقبة زمنية تعمل علي إقناع البشرية بأنه لا يمكن أن نتطور إلا بالبدء من حيث أنتهي الآخرين, والا كيف لنا الوصول للفضاء وبلوغ قمم الجبال وتحقيق الحياة المدنية التي نحياها اليوم؟
يعتقد العامة ان البدء من الصفر هو محجم لقدرات البشر وغير مساعد علي التقدم بأي شكل من الأشكال, ولكن الحقيقة أن هذه الفكرة صنعت منتجين للتقدم ومستهلكين له, وخاصة ان المستهلكين غير قادرين علي فهم المبادئ الأساسية للتطور لانهم لم يعملوا علي هكذا تطبيقات.
كما ان العامة يعتقدون ان الصعود للفضاء تطوير لفنون الطيران, ولكن رؤيتنا لتحقيق ذلك قد تختلف إن نظرنا للأمور علي انفصال مبادئها.
كما ان العامة يعتقدون ان بحوث الطيران هي بحوث تقنية, ولكنها أصلا بحوث بيولوجية لدراسة الكائنات الطائرة ووضع ملاحظات حولها, والأنواع المختلفة للطائرات هي أنواع مختلفة للطيور.
لن يأتينا علم الطيران بدراسة الطيران ولن يأتينا علم الفضاء بدراسة علم الطيران.
هل تعتقد ان علم صناعة الدواء هو علم طبي؟
لماذا لا نري أطبائنا إلا وهم يكتبون بخطوط غريبة الشكل قائمة طويلةبأسماء الأدوية, وقليلون هم من يكونوا قادرا علي تفسير المرض بشكل دقيق ويعرفون العلاج الأمثل وهم الأطباء المهرة المحدودين للغاية.
لماذا لا نري الطبيب صانع الدواء, أو صانع الجهاز الطبي أو صانع الأدوات الجراحية؟
هم أطباء تلقوا التعليم الطبي الكافي لجعلهم في مرتبة أقل من مرتبة العطار القديم, والذي كان قادرا علي استخلاص المركبات الدوائية من مصادرها الطبيعية, وقادر علي تصنيف المرض بالشكل الدقيق, ولديه خلف الحانة معمل مصغر يحتوي علي أجهزة غاية في البساطة والفاعلية للمزج والفصل والتحليل الكيميائي للعناصر.
ولم تساعد المعامل الحديثة والعلوم المتقدمة والأجهزة الميكروسكوبية المعقدة وعلوم الجزيئات والكتب المطولة والمراجع اللاتينية طالب كليات الطب ليكون بعلمه صاحب إضافة حقيقية للجنس البشري, وتري العالم كله قابع تحت احتكار شركات الأدوية العالمية الكبرى داعيا الله في النجاة من هذه الحياة المزرية.
وكيف تعمل هذه الشركات ؟
تعمل عمل البشر الحقيقيون...
يتأملون خلق الله الذي هو مصدر كل شيء...
يجربون ويسجلون كل شيء حتي يصلوا للنتيجة المرجوة...
وهؤلاء البشر هم وحدهم القادرين علي إقناع رؤوس الأموال في استثمار أموالهم في موهبتهم الفطرية, وهم وحدهم من يتم استقطابهم خارجيا للعمل والعيش بمستوي آخر وحلم جديد.
جميعنا نتفق أن العلم هو السبيل لوضع الانسان في مكانته الطبيعية...
ولكننا ندفع أنفسنا وأبنائنا نحو التعليم, وننسي العلم...
التعليم هو منتج فكري في حد ذاته...
التعليم هو اسلوب ممنهج لإعداد بشر بقدرات محددة...
فالمنهج والأسلوب والمدة والأدوات المستخدمة في العملية التعليمية هي نتاج لمجموعة كبيرة من الاختبارات الهادفة لتقويض السلوك البشري وتوجيهه للمسار العملي المطلوب.
وبعض هذه الاختبارات تمت في الأصل علي حيوانات...
وفي النهاية تجد ان هناك من الأنظمة التعليمية العالمية ما لا يتخطى أصابع اليدين...
هل هذا هو الأرت البشري الناتج عن مئات الحضارات ومليارات البشر وآلاف السنون من الحضارة؟
من المعني بوضع الأنظمة التعليمية؟
هل آلاف التربويين العرب المتخرجين سنويا في ربوعنا العربية الشاسعة غير قادرين علي وضع نظام تعليمي واحد ؟
بالطبع لا ... لأنهم أصلا خاضعين لنظام تعليمي يهدف لاستخراج معلم يعمل منخرطا تحت نظم تعليمية محددة لتستمر دائرة القتل.
ويصبح المعلم مشرفا ثم موجها ثم ينتقل إلي مقعد محجوز له مسبقا علي مقهي المعاشات, ولا يجد ما يكتب عن حياته او كيف أثرتحياته علي حياة فرد واحد فقط؟
وهذا هو حال المعلم الذي يجب أن يؤثر إيجابا في مئات البشر الصانعون لمستقبل البلاد.
وما حال الجندي منه ببعيد, فالطاعة والانضباط خلقت من الجنود أداة لترسيخ النظام عوضا عن تحقيق العدل, وباتت الدولة تعلم والشعب لا يعلم, فالحق والمصلحة العامة لا يستطيع تحديدها إلا السلطة, حتي تبادل هذه السلطة أمر غير وارد في كثير من الأحيانلأنه وببساطة لا يوجد في الشعوب من هو قادر علي استيعاب النظام, وأكثرنا علما هو متخصص والدولة في حاجة للشمولية والرؤية الواسعة النطاق.
وبالتالي هذه الشمولية لدي الأنظمة تكون مبررا مقنعا للبشرية بتسليم كامل الثقة للحاكم والجندي مقتنع تماما انه يقوم بما يجب عليه فعله.
قد يفسر العديد من البشر كلماتي علي انها دعوة لترك الانضباط والطاعة في النظام التعليمي العسكري, ومن هذا المنطلق يبدأ في رفض كامل الخطاب ولا ينظر أبعد من الكلمات المكتوبة, ليري أفقا جديدا يلوح لمن يبحث عن حقيقة الأمن وحقيقة العدل وحقيقة السلطة وحقيقة الطاعة وكافة الحقائق التي تمنح السلطة من الشعب للحاكم عن تراض وتوحد صفوف الأمة لتحقيق الهدف والغاية المشتركة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.