طور التحول - الرقابة المجتمعية الفعالة علي الأداء الحكومي.

تعتبر المعرفة السياسية هي أهم محددات نجاح القوي الشعبية في إحداث الرقابة المجتمعية الفعالة علي الأداء الحكومي, وعلي الرغم من غياب القيادة عن ثورة الخامس والعشرين من يناير, إلا أن مطالبات الثوار تمركزت حول تفعيل الرقابة المجتمعية علي أداء الحكومة المصرية الانتقالية, وانسحاب كامل من دعم الحكومة المنتخبة حتى الدعم بالرقابة والتوجيه وتحسين المسار.
ونظرا لغياب القيادة السياسية للمشهد الثوري, فإن تبني الطبقة الثورية الميدانية مهام الرقابة مع عدم توافر المعرفة السياسية الكافية, وضع الثورة في موضع الضعيف الغير قادر علي تولي زمام الأمور في المستقبل, وساعدت النظام القديم صاحب المعرفة السياسية الضخمة لإعادة بناء مؤسساته والتوغل داخل الصف الثوري.
وجدير بالذكر أن غياب الشفافية وحرية تداول البيانات والمعلومات خلق بيئة مناسبة لانتشار الجهل والشائعات, ومساحة كافية للتخوين وفقد الثقة بين جميع الأطراف السياسية والشعبية, وهو ما يساعد علي زيادة منطقة الجهل شيئا فشيئا.
ومن المفارقات الغاية في الأهمية للملاحظة والتدقيق في أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير هو غياب البرنامج التنموي الواضح الأهداف والآليات عن الساحة السياسية المصرية في كل مراحل الانتخابات المصرية من مجالس نيابية وتمثيل حكومي, وكانت الأنباء عن البرامج الانتخابية تروي كالشائعات, وتخفي تفاصيلها كالأسرار.
ولم يكن هناك تفسيرا عن هذا التكتم المبالغ فيه مع ضعف المشروعات الناتجة إلا من خلال تفسيرين:-
1- تأكد الفصائل السياسية المختلفة عدم قدرتها علي وضع نموذج تنموي ومشروع انتخابي متكامل, وخوفها من افتضاح أمرها وانكشافها سياسيا, وهو بمثابة إعدام سياسي للتيارات السياسية المتهالكة.
2- تأكد الفصائل السياسية من غياب الكوادر السياسية القادرة علي وضع النموذج التنموي في الخصوم السياسية, وهو ما يدفعها للدفاع عن تجربتها ومشروعاتها من السرقة والتخاطف.
وعموما فالمعرفة السياسية المنخفضة لم تؤدي فقد لفشل الرقابة المجتمعية ولكنها طالت جميع مؤسسات المجتمع المدني وجعلها عاجزة عن وضع مخطط تنموي قادر علي استيعاب طموح المصريين في وطن أفضل.
وكانت جميع برامج التنموية تفتقد لعدد من عناصر النجاح الرئيسية والتي كان من الواجب توضيحها بشكل كامل للشعب, ومنها:
1- الإطار الفلسفي الجامع والقادر علي تقسيم مخطط التنمية لمراحل واضحة الأهداف في سياق موحد.
2- الآليات اللازمة لتحقيق الأهداف العامة التي أتي المشروع القومي لتلبياتها.
3- التشريعات القانونية اللازمة لضمان تفعيل البرامج التنموية, وضمان تكاتف كافة القوى الوطنية للتعاطي مع المشروعات القومية كمطلب شعبي ثوري.
4- الدراسات المالية والفنية واختبارات النماذج للتأكد من كون المشروع القومي يتطابق مع احتياجات المرحلة ونجاحه في تحقيق أهدافه.
كل مواضع القصور سابقة الذكر وغيرها هي مؤشرات قوية جدا علي غياب الكوادر السياسية والمجتمعية القادرة علي فهم النظام الحكومي لتحقيق الرقابة أو تحقيق الرفاهة للمجتمع المصري.
وعليه ...
يجب علي جميع المؤسسات الرسمية للدولة تقديم كافة المعلومات عن نظم الإدارة داخل مؤسسات الدولة وغيرها من المعلومات الإدارية وتبادل الخبرات والمعلومات لتحقيق المشاركة المجتمعية المستوعبة لطاقات الشباب وطموحه.
كما انه يجب علي مؤسسات المجتمع المدني والشباب المصري الطامع في صنعة مستقبل أفضل للمصريين, التعاون والتشارك علي هدف واحد للمرحلة الحالية, وهو الحصول علي المعلومات اللازمة لصناعة القرار وحيثيات الحكم والإدارة.
وتفعيل الحوار المجتمعي حول أولويات المرحلة, وتجميع البيانات الإحصائية الغير رسمية كقاعدة لبناء النموذج الوطني , وتدريب الكوادر السياسية بشكل مشترك, وتبادل الخبرات, وترسيخ الشفافية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.