الرأي و الأنتماء - الجزء الثالث

حرية الرأي من المفاهيم التي تحوي في طياتها جدلا لا يحمله سواها , فليس هناك تعريفا محددا لحرية الرأي يساعدنا علي تفهم مبادئها وقوانينها .
إن حرية الرأي جزءا لا يتجزأ من مفهوم أوسع وأكثر انتشارا يسمي حكم الشعب " ديمقراطية " , وهو مفهوم فلسفي داعي إلي أن يتولي الشعب اختيار مقدراته ومبادئه وعلي السلطة التنفيذية "الحكومة" أن تقوم بالإجراءات التي تحقق للشعب هذه الأهداف و المبادئ .
قد يعتقد البعض إنني غير ديمقراطي عندما اقول عن هذا المفهوم للديمقراطية يدفعنا والعالم أجمع إلي شفا حفرة من النار ...
نار الفتنة .....
نار الاختلاف .....
نار الصراع ......
إني أعتقد ولي وجهة نظر في أن الديمقراطية يجب إحلال وتوصيف مبادئها من خلال مبادئ الشورى .
في البداية يجب علي أن أوضح وجهة نظري عن الديمقراطية حتى يتسنى لنا توضيح الاختلاف بين الشورى وحكم الشعب .
إن الديمقراطية هي فكر فلسفي ذو أبعاد وأهداف عظيمة , تحاول أن تساوي بين الجميع وتعطي الكل فرصة متساوية للتعبير عن آرائهم , كما تضمن سيطرة الشعب علي مقدراته وتوجيه حكوماته إلي هذه الأهداف .
ولكن تخيل إنك طبيب – علي سبيل المثال – وهناك مشكلة صحية تهدد مجتمعنا بشكل جدي وخطير , ولم تتم السيطرة علي هذا الموقف مما أثار جدلا حول سيطرة الدولة علي المشكلة وافتراض حلول للمشكلة وكيفية زيادة هذه السيطرة .
دعني أتساءل :
هل من الممكن أن يكون الجدل في هذه الحالة مفتوحا لدرجة افتراض حلول من غير المختصين ؟
هل سيكون في هذه الحالة الجدل حول فشل الحكومة في السيطرة علي هذه الأزمة كافي للحل ؟
أم سيستمر الجدل السلبي للهجوم علي الحكومة بينما يأكل المرض جذور هذه الأمة ؟
يمكن افتراض هذا الوضع في كل المجالات ليست فقط الطبية , لأنه وببساطة لكل مجال متخصصيه الذين يعرفون عنه أكثر من الآخرون فبالتالي تتوقف قيمة رأي الفرد علي مدي احترافية صاحب الرأي ومعرفته بمجال هذا الرأي .
وبالتالي فالقيمة الأقصى للرأي تكون في حالة توظيف الآراء حسب التخصص وتتناقص كلما أزداد نطاق منح الرأي وتعميمه .
هل نستطيع أن نمتنع عن إبداء الرأي إلا في حالة المعرفة ؟
هل نستطيع أن نمتنع عن الخلط بين الرأي ووجهة النظر ؟
في الحلقة القادمة إن شاء الله سنناقش ملكية الرأي ونسبه .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.