الرأي و الأنتماء - الجزء الأول

يعتبر الرأي هو من أهم المحددات التي تحدد هوية الفرد وأنتمائه , فلايمكن أن نتخيل شخصا ينتمي إلي جماعة أجتماعية وهو يحمل بين طياته رأيا سلبيا في أهدافها او حتي رأيا سلبيا في أعضائها .
ولكن الأنسان يقع في خلط دائم بين تعريف الرأي وصحة هذا الرأي و صحة أراء الاخرين .
قد يكون ذلك بسبب عدم تعرف الانسان العادي علي مبادئ المنطق التي يمكنها قياس صحة الرأي من عدمه , كما يفتقد الانسان العادي مهارة معرفة حدود صحة رأيه و صحة آراء الآخرين , مما يدفعه إلي أفتراض مفاده أن صحة رأيه تعني بالتبعية خطأ رأي الآخر .
سوف يكون للمنطق وكيفية القياس الجيد دورا هاما فيما بعد لنتمكن من الوصول لمنطقة تلاقي بين آرائنا , ولكننا الآن نحاول أن نستكشف دور الرأي في التأثير علي الأنتماء .
سوف نتحدث في هذه الحلقة عن الرأي وسوف نستكمل الطريق في الحلقات القادمة أن شاء الله .
أعتقد أنه حتي يكون للأنسان القدرة علي إبداء الرأي في موضوع معين يجب عليه أن يتعرف بشكل كامل – لايوجد شكل كافي – علي المتغيرات والجوانب المؤثرة في هذا الموضوع , وأن يتعرف بالتبعية علي الشكل الأمثل لهذا الموضوع وما يجب أن يكون عليه هذا الموضوع .
فعلي سبيل المثال لا يمكن للانسان أن يحدد أن معرفته في هذا الموضوع كافية لأبداء الراي , ولكنه يجب أن تكون هذه المعرفة كاملة ومتضمنه كافة جوانب الموضوع .
كما أنه لا يجوز لأنسان بأن يعتقد بأن معرفته كاملة بهذا الموضوع قبل أو أثناء الحوار, فهذا قد يكون أتهاما ضمنيا للطرف الآخر بأن معرفته بالأمر غير كاملة , كما أن الشخص نفسه قد يفتقد أو يغفل أحد العوامل المؤثرة في الموضوع .
كما أنه لا يحق للأنسان أن يمنع أي شخص من إبداء الرأي حتي وأن كان غير ذو خبرة بالموضوع محل النقاش , لان هذا الشخص وأن كان لا يملك حجة واضحة ومعلومات كافية ألا انه قد يكون صاحب رؤية أو يؤثر متغير معين علي رأيه , وهذا ما قد يساعد الأنسان علي رؤية متغيرات جديدة كان لا يشغل لها بالا بالرغم من أهميتها و تأثيرها في رأيه .
كما أن صحة الرأي لا تعني خطأ رأي الآخر , فقد يكون الرأيان يعبران عن حالات مختلفة لنفس الموضوع , وقد يكون الرأيان متكاملان ولا يجوز أعتبار صحة أحدهم دون صحة الآخر .
إبداء الرأي وبالتالي يجب علي الأنسان أن يستمع في البداية إلي رأي الآخر أولا قبل أبداء أي آراء , ثم ينتقل بعد ذلك إلي دراسة وجهة نظر الآخر , ومن ثم يستطيع أن يحدد ما إذا كانت معرفته بالموضوع شاملة لكافة جوانب الموضوع من عدمه , وهي الخطوة الفارقة بين إبداء الرأي من عدمه سواء عدم أبداء الرأي بشكل نهائي أو مؤقت لحين دراسة الموضوع قبل أبداء الرأي


أعتقد أن مقولة "أن الأختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" تستخدم اليوم بمثابة عبارة خاتمة للموضوعات الشائكة او التي تحمل عددا من وجهات النظر, علي الرغم من أمكانية أستغلالها كمقدمة للحوارات والمناقشات الهادفة لأيجاد حلول لمشاكلنا اليومية , كما أن في المعتاد أن يتم أستخدام العبارة بديلا عن عبارة " أنه لا يمكنك إقناعي بهذا الرأي مهما حاولت ", ولكني أذكر الأنسان أنه عندما يصل بالحوار والمناقشة إلي أنه يرفض الرأي لمجرد أنه غير مقتنع دون الرجوع الي أي منطق أو حتي وضع مصالحه الشخصية وأهدافه الخاصة في أولوية أعلي من أولوية المجموعة , فأنه يرتكب خطأ جسيما يضعنا كلنا اليوم في دائرة أنعدام المنطق في حياتنا اليومية , كما يجعلنا جميعا نبحث عن أهدافنا الشخصية في الحوار دون النظر إلي اي قيمة أخري , كما أنه قد يتمادي الانسان عندما يحقق أهدافه بهذه الطريقة إلي أن يصل بالاعتقاد بأنه أكثر ذكاءا وحنكة من الآخرين , هذا بالاضافة إلي تمادي سلبية الفرد في المشاركة الإيجابية وشعوره بانه لن يصل ابدا لنتيجة محددة من الحوار .
في الحلقة القادمة سنتطرق إلي صحة الرأي والهدف من الحوار .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.