المطبخ السياسي- صناعة الديكتاتور / الجزء الأول




تشتهر الدولة المصرية بقدرتها الخارقة علي صناعة الديكتاتور والحاكم بأمره والفرعون وكل أشكال الحكم القمعي المتسلط المنفرد.
كما إن الشعب المصري ذاته لديه قناعة مترسخة انه لا يمكن حكمه دون هذا التصور, فتجده يردد عدد من العبارات المنتشرة وسط أبناءه تثير العجب في نفوس المتأملين لهذه العبارات والباحثين عن مصدرها وأسبابها, وعلي سبيل المثال...
-          هذا الشعب لا يمكن إن تحكمه إلا بهذه الطريقة...
-          لا يمكن للحاكم إن يعود عن قرار اتخذه ...
-          يجب إن يتعامل الحاكم بكل عنف مع المعارضة وإلا فقد السيطرة علي زمام الأمور...
من تحليلاتنا للعبارات السابقة نجد الآتي ...
-          التأكيد الجازم النافي لعكسه يؤكد رسوخ هذه العقيدة لدي المصريين, أضف إلي ذلك تصديقكك الشخصي لها, ومدي انتشارها, ومرات تكرارها... تجد أنها مرسخة بشكل ممتاز في نفوس المصريين...
-          يتوقع المصريين إن الحاكم لا يمكن أن يخطأ فهو إله أو مرسل علي اقل تقدير, والرجوع عن قراره يعبر عن انه إنسان عادي أو يعرضه إلي تكرار التراجع إلي الأبد, وهي صفات لا يتمناها المواطن, والغريب في الأمر انه  يري قائده في أحسن صورة ولا يريد إن تتشوه هذه الصورة حتى وإن وقع عليه هو شخصيا ظلم, فلا يتمني إن يرجع الحاكم في قراراته.
-          المواطن المصري الساعي للاستقرار, لا يميل بطبعه علي وجود صراعات داخليه تشتت انتباهه عن مشكلاته اليومية أو مشكلات الوطن ومستقبله, وبالتالي فهو علي استعداد تام لبتر الجزء الذي يقسم الصف المصري أو يحرفه عن مساره, حتى وإن كانت تلك القرارات ظالمة, فلقد ضحي المصري بأكثر من 90% من مساحة أراضيه في سبيل الاستقرار, وضحي آلاف السنين بالعمل في ظل الأحكام القمعية في سبيل الاستقرار, ومن المنطقي من هذا المنظور الحفاظ علي الاستقرار الذي هو "إرادة شعب" حتى وإن وقع الظلم علي فصيل أو أكثر من فصائل الوطن, ويرون المعني بتطبيق هذا الاستقرار هو الحاكم والذي عليه القضاء علي المعارضة حتى لا يؤرق استقرار الوطن والمواطن في بيئته الخصيبة وأمنه الاجتماعي.
و للتعرف علي آليات صناعة الديكتاتور داخل المطبخ السياسي , يجب ان تتابعنا في الجزء القادم - إن شاء الله -.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.