المطبخ السياسي - السلطة

السلطة هي إطار يفرض نمط محدد من التصرفات والثوابت والقيود وحتي الأفكار علي الإنسان الواقع في دائرة تأثير السلطة.
هناك نوعيين رئيسيين من السلطة
سلطة داخلية "كالعلم, والدين" وأقدم العلم علي الدين لأن المعرفة المبنية علي العلم تختلف عن المعرفة المبنية علي العقيدة.
سلطة خارجية "كالقانون,والدولة,والإعلام, والعادات والتقاليد, وسلطة المال وغيرها من السلطات داخل إطار الدولة" وهي أنواع مختلفة من السلطات التي من شأنها التأثير علي تصرفات الإنسان وقراراته كما أوضحنا سلفا.
ومن هنا نجد أن السلطة الداخلية أقوي أثرا من السلطة الخارجية لأنها نابعة تماما من إرادة الشخص ومفاهيمه ومعارفه الشخصية دون توجيه أو مؤثرات خارجية.
وتعتبر السلطة الداخلية متكاملة في حد ذاتها, بينما نجد أن السلطات الخارجية متكاملة ولا يمكن اعتبار أحدها صحيحا بشكل كامل.
وتحتاج المجتمعات السلطة لإرساء الأمن والترابط والوحدة بين أعضاء هذا المجتمع, فلولا سلطة الأب لا تكن هناك أسرة وهذا مجرد مثال لأبسط صور المجتمع.
في المجتمعات السوية تعمل كافة السلطات بشكل مستقل ولكنها وفي الوقت ذاته مترابطة الأهداف والتوجهات, وتكون المصلحة العليا للمجتمع هي المحرك الأساسي الذي يحرك هذه السلطات دون النظر للمصالح الشخصية للقائمين بالأعمال السلطوية.
يظهر الحكم القمعي عندما يحدث صراعا بين السلطة الداخلية لأفراد المجتمع والمبنية علي العلم والعقيدة مع السلطة الخارجية والمعتمدة علي التوجيه وإعمال القانون ووسائل السلطة للدولة الغير قادرة علي إحداث التزاوج المفترض بين السلطة الداخلية لأفراد المجتمع وسلطته الخارجية.
فتجد المواطنون يحاربون بلا عقيدة ويتخبطون في الأولويات ويجهلون تماما الهدف التي تسعي إليه السلطة الخارجية, ولعل الوضع قبل الثورة خير دليل علي ذلك التخبط بين مجتمعنا وإعلامه ورجال القانون فيه ورجال الشرطة ورجال الأعمال.
ما نراه اليوم علي أرض مصر هو الآتي.
كانت هناك سلطة قمعية تجتمع في يدها مجموعة من السلطات التي يجب ان تكون مستقلة في الأصل, وتم إزالة تلك اليد القامعة لطاقات المجتمع, واليوم يسعي كافة القائمين علي تنفيذ السلطة إلي الحصول علي استقلال مؤسساتهم بشكل يتيح لهم السيطرة الكاملة علي تلك المؤسسات ويحقق لهم سلطة خاصة مع إغفال تلك القيادات للمصلحة العليا للوطن.
فتري القضاة وهم يحاربون إرادة الشعب المت
مثلة في الثورة وخياراتها للحصول علي استقلال مزيف للقضاء, وتري الإعلام يحارب في ذات الاتجاه للحصول علي استقلال تام للإعلام .
بالطبع استقلال السلطات شيء غاية في الأهمية بالنسبة لنا نحن الثوار لضمان عدم تكرار تجربة السلطة القمعية, مع النظر إلي وحدة أهداف تلك المؤسسات لخدمة الوطن وقضاياه, وعدم سيطرة أصحاب النفوذ وما أسميهم "مراكز القوى" علي تلك المؤسسات والذي من شأنه إعادة بناء النظام من الأسفل إلي الأعلى.
صراع السلطات وسيطرة رموز الفساد علي مؤسسة الدولة هي الشكل الحالي للصراع الثوري مع النظام البائد
ولهذا فلزاما علينا تقبل المعركة حتى تحقيق النصر, ونحمد الله علي التأييد في المراحل السابقة, وندعوه بالثبات في المراحل القادمة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.