دورة المياه والحياة


بسم الله الرحمن الرحيم

حركة الحياة علي الأرض وفي السماء وفي البحار تجسد حركة الغذاء, ويتحرك الغذاء بتحرك المياه
قال تعالى في حديث القرآن
" والله....
الذي أرسل الرياح فتثير سحابا....
فسقناه إلى بلد ميت....
فأحيينا به الأرض بعد موتها....
كذلك النشور"
صدق الله العظيم
فعلي سبيل المثال تتحرك قطعان "النو" و "الزرد" و "الأفيال" في هجرتها العظمي بوسط إفريقيا مجسدة حركة الأمطار علي الأرض, وبالطبع كانت الهجرات الإنسانية نموذجا واضحا لهذه الحركة, فهجرة المصريين القدامي إلي حوض النيل مثالا واحدا لهذه الحركة الكونية....
دون الإطالة في الأمثلة الدامغة لحقيقة حركة المخلوقات بتحركات الامطار والمياه, تعالوا نتحدث عن حركة الرياح والأمطار كجزء من الملف العلمي لإعادة إعمار النظم الحيوية لحوض البحر الأبيض المتوسط "إحنا مصر".
تواجه مصر نوعين من الرياح....
النوع الأول هي الرياح العكسية المحملة بالأمطار والتي تهب علي الساحل الأفريقي للبحر المتوسط شتاءا, وتتجه هذه الرياح إلي الشمال وتكون جافة ومحملة بالأتربة, لتحمل بالأمطار من أوروبا وتعود إلي الشمال الأفريقي مرة أخري شتاءا.
النوع الثاني هي الرياح التجارية والتي تتحرك جنوبا إلي الحدود الجنوبية للصحراء الكبري, وكانت قديما تكون محملة بالأمطار وتكون ما سمي يوما "نهر النيل الأصفر", والذي كان ينبع من "تشاد" إلي السودان.
لقد جفت معظم منابع نهر النيل الأصفر والتي كانت يوما أحد أهم منابع الحضارة المصرية القديمة, وسبب هذا الجفاف هو الانخفاض التدريجي لنسبة الرطوبة المحمولة علي الرياح التجارية لتصل إلي مرتفعات تشاد وتكون السيول لنهر النيل الأصفر.
كان الساحل الأفريقي قديما مصدرا هاما من مصادر الرطوبة التي تصل إلي طبقات الجو العليا صيفا, حيث ترتفع درجة الحرارة وتتبخر المياه وتتجه جنوبا مع تيار الرياح التجارية, لتواجه مرتفاعات تشاد وتكون السحب الركامية علي قممه الجبلية, وتنهمر الأمطار علي شكل سيول تعبر الصحراء وتمد المجري الرئيسي لنهر النيل بالمياه.....
ولقد سمي نهر النيل الصفر بهذا الأسم نتيجة للون المياه المحملة بالأتربة والرمال الصفراء....
وبالتالي فسيناريوهات دورة المياه في ظل تأسيس النظام الحيوي في المنطقة الغربية للصحراء المصرية سيكون كالتالي:-
هبوب الرياح العكسية الغربية شتاءا وهي قادمة من أوروبا محملة بالأمطار, والتي ستواجه كتلة هوائية دافئة مشكلة منطقة ضغط جوي منخفض فوق النطاق الحيوي للمشروع, مما سيشكل امطارا رعدية شتاءا....
وعند إنحسار هذه الرياح وعودتها إلي أوروبا في الربيع ستعمل الأشجار علي تثبيت التربة والتصدي إلي رياح الخامسين الرملية ربيعا.
مع إرتفاع درجات الحرارة صيفا سيتبخر الماء ليشكل سحبا محملة بالأمطار تتجه جنوبا مع الرياح التجارية الجنوبية, والتي ستواجه مرتفعات تشاد مشكلة سحبا ركامية وأمطارا مشكلة السيول التي تتجه شمالا لتلاقي المجري الرئيسي لنهر النيل وزيادة معدلات المياه صيفا....
وبالتالي فإعادة إعمار النظام الحيوي لحوض البحر الأبيض المتوسط سيساعد في إعادة إعمار النظام الحيوي لنهر النيل بشكل عام وإعادة إعمار النظام الحيوي لنهر النيل الأصفر بشكل خاص, ويعوض مصر والسودان عن الفقد في المياه نتيجة السدود المزمع إنشاؤها علي مجري نهر النيل الأزرق....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.