طموح المواطن في التعليم -1


طموح المواطن في التعليم هو طموح معقد للغاية، حيث ان هناك طبقات من ذلك الطموح....
يعتبر الطموح الخاص بمستقبل الابناء جراء الانخراط في منظومة تعليمية ما - قد تمتد لاثني عشر سنة او حتى اكثر- هو الطموح الاساسي بالطبع، وينتمي لهذه الطبقة المكتسبات العلمية والسلوكية والاجتماعية والمهارات التي يكتسبها الطالب والتي يري الاهل ضرورتها وتأثيرها الايجابي علي مستقبل الابناء.
بينما ان هناك طبقة اخري من الطموح المتمثل في المكانة الاجتماعية المرجوة من الاندماج ضمن طبقة اجتماعية يجمع ابنائها نموذج تعليمي ونمط سلوكي متجانس، قد يكون هذا الطموح نتيجة لتناقص الدور التربوي للاسرة مقابل زيادة هذا الدور مؤسسيا من خلال منظومة التعليم، وبالتالي فالاسرة لديها طموح تربوي لا يتاتي الا بالتجانس الاجتماعي بين الابن وافراد من نفس الطبقة الاجتماعية.
والطبقة الاخيرة من الطموح هي المتعلقة بمستقبل الوطن ودور الفرد في هذا المستقبل، فالامن الاقتصادي - كقيمة يقاس عليها نمو المجتمع واستقراره- هو محصلة لمجموعة كبيرة من العوامل التي يلعب فيها التعليم وبشكل اكثر دقة العلم دور القلب الذي يغذي الجسد بالحياة.
فمن وجهة نظر المواطن انه لا تنمية يمكن ان تقوم الا علي الاكتفاء العلمي والذي هو مبدئيا ثمرة من ثمار التعليم، وبغض النظر عن دقة هذه الكلمات الا انها لا تزال تمثل مجموعة من القناعات المرسخة في التفكير الانساني الجمعي.
في اطار اخر يمكن استبدال المنظومة التعليمية بمنظومة علمية تعود بالنفع لكامل طبقات المجتمع، وقد تكون اقل كلفة واكبر اثرا من المنظومة التعليمية، ولكن دون ترسيخ قيمة العلم اجتماعيا مقابل ترسيخ قيمة التعليم فسيواجه هذا التوجه مقاومة شعبية كبيرة.
وبما ان "المعرفة والتجانس الاجتماعي او ما يسمي الانتماء" من الحقوق الاساسية والاحتياجات الرئيسية للانسان، فالامن العام ذاته يتأثر بانخفاض شعور الامن لدي المواطن، كنتيجة لغياب المعرفة وتدهور المنظومة التعليمية، هذا الانخفاض يجعل المواطن متشكك من المستقبل، ومتشكك من الوضع الاجتماعي نتيجة للتباين الكبير - والذي بات ملحوظا - بين شخص وشخص نتيجة لتباين منظومة التعليم.
فالدافع الشخصي في المكانة الاجتماعية وضمان بقاء النوع، والدافع الوطني في تحقيق الاستقرار والامن والنمو الطبيعي للوطن كلها تشكل طموح المواطن في منظومة التعليم، والتي من اجل تحقيقها يجعل ابناءه ينخرطون في منظومة دون اخري.
والغريب في امر التعليم و- الذي هو في حاجة لكثير من الدراسات - هو انخفاض عدد اولياء الامور المهتمين بالتباين في الانظمة التعليمية والاسس التربوية لكل مدرسة، قد يعود ذلك لانخفاض المعرفة الاجتماعية بالنظريات التربوية ومنهجيات التعليم، ولكن في جميع الاحوال اتذكر سلفا كان اولياء الامور يولون اهتماما كبيرا بالاسس التربوية قبيل الحاق ابنائهم بالمدارس الخاصة، حتي ولو كان اهتماما سطحيا...
ولكن اليوم لم يعد هذا الاهتمام موجودا الا فيما ندر، وبات التعليم مسلمة من المسلمات التي لا يناقشها المخ البشري حيث انه لا بديل او تتساوي البدائل، فيتساوي التعليم الامريكي والتعليم الوطني والتعليم البريطاني والالماني والايطالي فجميعهم خطوة يجب علي الانسان تخطيها، وبات التباين الاجتماعي حقيقة وواقع يعيشه الناس، فلا مشكلة مبدئيا في مزيد من التباين....
‫#‏الموحد‬

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.