صفحة قديمة - 1


عادة ما يعبر الانسان عن التغيير في حياته بانها صفحة جديدة....
ولكن ماذا إذا كان التغيير المرجو من الانسان هو العودة لصفحة قديمة؟!
الم يتصور الانسان يوما ان التغيرات المتلاحقة في حياته تترك اثرا طفيفا، ويوما فيوم تختفي الحياة ذاتها، ويتمني حين إذا إحداث التغيير ؟
التغيير في هذه الحال ليس ابدا صفحة جديدة....
انها صفحة قديمة...
ولكن اي الصفحات القديمة هي المنشودة....
تعالوا معي في رحلة لحياتي لاكتشاف صفحاتي القديمة، والاطلاع عليها، ومناقشتها سويا...
عسى ان تساعدوني في إحداث التغيير المنشود، واختيار الصفحة التي او العودة إليها...
1- الطفولة.

اتمني ان اكون....
بين المقاتل والعالم انحسرت احلامي وشغفي طوال مرحلة الطفولة...
فكانت الاحلام تتجسد في مخيلتي قصصا مليئة بالمغامرات، وعلي الرغم من ذلك كانت إجابتي عن السؤال الشهير ماذا تتمني ان تكون....
اتمني ان اكون عالما....
الكل كان يؤكد لي ان حلم المقاتل اكثر واقعية واسهل في التحقيق من طموح العالم.....
يمكنك ممارسة الرياضة والتقدم لاحدي الكليات العسكرية لتحقيق هذا الحلم، ولكن العلم امرا آخر...
يمكنك ان تكون معلما او حتي مدرسا باحدي الجامعات لتناقش بابا من ابواب العلم لطالبيه....
ولكن ما معني عالم التي تسعي إليها....!
بالفعل تاثرت كثيرا بهذا الرأي فمارست الرياضة لسنوات....
كرة السلة هي الرياضة الاساسية التي مارستها منذ نعومة أظفاري، ولكن الرياضات القتالية كانت تؤثر علي كثير مشاهدتها، فمارستها كهواية وان لم تستمر كثيرا، حتي اني قرات كتبا في فنون الجودو وفلسفة الدفاع عن النفس....
مارست ايضا السباحة وركوب الخيل والرماية ولكن في اضيق الحدود...
كذلك كرة القدم وحراسة المرمي والكرة الطائرة....
ولكن لم يختفي يوما شغفي العلمي....
القراءة والكتابة هي فنون امارسها عن حب....
خيالي يذهب تماما حيث اريد....
اكون دائما وحدي وان كنت في الحافلة....
كانت شخصيتي غريبة في كثير من الامور، ولعل تعبيري عن الافكار اكثر شيئا صادما في شخصيتي....
فانكر المنطق الكائن، واصيغ المنطق كما يجب ان يكون بمنتهي السهولة....
كثيرا ما وصفت بالمجادل، او بالمعترض....
ولكني اكتشفت المعني الحقيقي لشخصية الباحث...
المنطق وعلم الكلام والفلسفة والتشكيك هي ادوات أمارس بها حياتي اليومية....
واعتقد ان هذا منطقيا لكل انسان...
ولكن الواقع غير كل شئ
لم اتمكن من الالتحاق بالمدرسة الجوية الثانوية، ولم احقق في المستوي الدراسي الا التقييم العام المقبول...
علي الرغم اني كنت دائما من المتميزيين رياضيا وادبيا وعلميا في جميع المراحل الدراسية
كنت من الناشطين جدا علي المستوي التعليمي وحاصل علي مجموعة كبيرة من الجوائز الرياضية والمسابقات العلمية والثقافية...
كنت اكتشفت وجود المدارات الفرعية للذرة في الصف الاول الاعدادي...
وكنت اصمم اجهزة تعمل علي انتاج الاكسجين والماء كيميائيا، كحلول بيئية للتلوث وثقب الاوزون وحل لندرة الموارد المائية في الصحراء والتي طالما حلمت بزراعتها.
كنت اكتب روايات اجيال تناقش التغيرات المناخية واثرها علي التوازن البشري كانت تحمل اسم جزء من النجوم، وفيها توقعت وجود مادة للفضاء وهو ما يسميه العلماء اليوم بالمادة المظلمة.
كنت اصنع نماذج للاجهزة العلمية كالسيجموجراف بادوات منزلية غاية في البساطة، وكانت العابي كلها قربانا علميا لخيالاتي الجامحة....
كنت اصغر طفل يقود فريق الاذاعة المدرسية لقدرتي علي القراءة بشكل متميز في الصف الاول الابتدائي
كنت اصغر طفل يهتم بالنشاط المكتبي للمدرسة ويعلم نماذج التصنيفات المكتبية في الصف الرابع الابتدائي
كنت اصغر طفل يصنع مجلة حائط متكاملة الابواب ومزينة بالكامل بالصور من اغلفة الكراسات، وكم عوقبت علي تقطيع الاغلفة....
كنت اصغر طفل يناقش تطوير المدرسة المنتجة وتشجيع الطلاب علي ممارسة التجارة وكنت ابيع التقويم السنوي وجدول الحصص بقروش خمس، حتي اني بعت يوما ادواتي المدرسية كتجربة...
كنت اقود فرق الجوالة والشرطة الي جانب قيادتي للفرق الرياضية للمدرسة....
كنت احيي العلم واقدم الاذاعة واتعلم وامارس الرياضة واقراء كتبا ورويات عالمية....
كان لدي رؤية عن مستقبل لم يتحقق إلي الان....
لن استطيع كتابة ما هو اكثر من ذلك عن طفولتي الجميلة...
ويكفيني خيالاتها وطموحها كمجد اعيشه ونصر حققته لذاتي....
يكفيني شرفا اني اليوم اكتب تلك الاسطر عنها...
اما عن مرارة التجربة وصعوباتها...
فابتلعها بكل شجاعة، فما انا عليه اليوم ثمار زرع ما كان ليطرح دون التربة الصالحة والرعاية الكبيرة لوالدي....
بارك الله لي فيهما وعوضهما عني الجنان العليا....
والفضل قبل الوالدين يعود لله رب العالمين، الذي ادبني فاحسن ادبي وعلمني ما لم اكن اعلم الا بإذنه....
اللهم انا نحمدك حمدا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك...
ونسألك المزيد بكرمك الذي لا ينضب....
تلك اولي صفحاتي القديمة اقصها عليكم....
اتمني ان تكون موضعا لنقاش بناء...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.