صفحة قديمة - 2


المراهقة
في هذه الفترة بات الكائن الانساني يجذب انتباهي بشدة، كانت الكتابات هي اول ما جذب هذا الانتباه للانسان كعنصر من العناصر الطبيعية المنفردة....
افكاره غاية في الغرابة حتي انه استطاع بمخيلته فقط ان يرسم المستقبل الذي نعيشه اليوم من مئات وآلوف السنون....
جسده لا حدود واضحة لقدراته فإلي اليوم يكسر الارقام القياسية وسيستمر هذا لفترة طويلة جدا....
عقله الخارق يمكنه من تخيل الصوت ليصنع لحنا، وتخيل الخط ليرسم لوحا، وتخيل الكلمة لينظم بيتا....
ويجمع العقل والجسد والافكار في اداء مسرحي ، بل ويجمع البشر نفسهم ليصنعوا فرقا واسرابا....
نماذج متباينة للتنظيم الاجتماعي مجتمع او اسرة ، ديمقراطية او مؤسسات ولم يكتف بنموذج وحيد.... بل نماذج عدة لكل واحدة منها....
العلم والايمان اجتمعا في الانسان.... اعتقد هذا يكفي لشد الانتباه....
فانتبهوا لما هو ات
هناك صورة ذهنية عن المجتمع يكونها الانسان في مرحلة الطفولة، تلك الصورة الذهنية كانت بمثابة هالة تحيط باشخاص معينة بصفاتهم...
فالوالد والمعلم والطبيب وغيرها من الشخصيات والمهن كانت تحمل في نفسي صفات مفترضة لا يتصور الخروج عنها....
بالطبع سقطت كل تصورات الطفولة عن المجتمع بمجرد دخولي لمرحلة المراهقة، اول من سقطت صورته الذهنية وهالته الشخصية كان المعلم، فبعد تصور ان المعلم هو صورة مصغرة عن العالم، وتوقعي بان السبيل الوحيد للوصول لتلك المرتبة من خلاله، اكتشفت انه يهاجم تصوري هذا.... حتي ان احدهم قال لي باللفظ الواحد....
انت فاكر نفسك اينشتين!
المشكلة الحقيقية انه مدرس رياضيات....
هل المدرس او المعلم .... هذا الشخص العملاق قيمة وقامة.... من الضعف النفسي حتي انه يتهكم علي احلام طفل امام اقرانه.... في ماذا؟
في خلاف علمي ؟!
بالطبع هو اصلا لا يفعل قواعد المنطق الرياضي في منطقه الخاص. ببساطة لانه لا يملك اي منطق..،؟.،.،!.،،،
لن ابالغ اكثر من هذا حتي لا تتحول مذكراتي الي مذكراتي المؤلمة، ليست مؤلمة لي المستوي الشخصي بقدر ما هي مؤلمة علي المستوي الاجتماعي....
وتدريجيا وجدت ان هناك مجموعة من القواسم النفسية المشتركة بين افراد المجتمع علي اختلاف طبقاتهم وانواعهم وادوارهم الاجتماعية....
اول هذه القواسم المشتركة النظر للواجب علي انه عمل يجب انهاؤه باقل جهد وباسرع وقت....
الواجب يا إخواني لا علاقة له بالعمل إطلاقا...
الطبيب لا يعمل علي معالجة الناس، لديه تقارير واوراق واعمال إدارية في قسمه عليه انجازها كعمل.....
ولكن علاجه للبشرية هو واجب وليس عملا.....
المعلم لا يعمل في التعليم انه واجبه، هو ايضا لديه الكثير من العمل لانجازه خلف الكواليس المدرسية المعروفة وهذا هو عمله....
التقصير في الواجب او الخلط بين الواجب والعمل هو اهم معضلة واجهتها في المجتمع.....
وبشكل عام العمل هو امر تنظيمي بحت، بينما خدمة المجتمع فهو واجب بحت....
لكن نظرية انا لا اعمل لله او للوطن.....
هذا لا افهمه كليا... وارفضه كليا....
الطبيب إذا راي مريضا في الشارع سيقوم بمداواته دون انتظار اي تقدير مادي او معنوي.... وسيتباهي امام نفسه والمارة .... 
- لا داعي للشكر، انه واجبي....
وكذلك اي متخصص من رجل الشرطة ورجل الانقاذ البحري ورجل الاطفاء ، وحتي الرجل العادي، يكفي تحلي الانسان بالشهامة والمرؤة وطيب الخلق ليقوم بواجبه نحو مجتمعه بافضل صورة ممكنة، واداؤه الاحترافي يتشكل في تقديم هذه الخدمة لابناء وطنه بافضل صورة ممكنة ولا علاقة لذلك بالعمل علي الاطلاق، فمهما كانت ضغوط العمل طاحنة، يكون معيار الاداء الاحترافي في خدمة الجمهور من ابناء الوطن هو "عمل الواجب بافضل صورة ممكنة"، لاننا اخوة واباء وابناء هذا الوطن فجميعنا نستحق "الكوسة".
جميعنا نستحق المعاملة المميزة التي تقدمها للاهل والاصدقاء ان اعتقدت اننا اسرة وطنية واحدة....
والا فنحن لسنا عائلة.... او اسرة..... او حتي مجتمع....
أليس كذلك......
المعضلة الثانية التي واجهتها مع الصورة الذهنية للمجتمع انه ليس مجتمعا، فهو مكون من طبقات اجتماعية ليس فقط علي مستوي الدخل بل ايضا صنفوا انفسهم تبعا لمواقع جغرافية، وايضا صنفوا انفسهم تبعا للعلم والثقافة العامة الي طبقات، ثم انهم صنفوا انفسهم تبعا للجنس والدين......
ما هذا الهراء....
اين المجتمع؟،،.،،…!؟؟!..،.،
المجتمع الذي نشأت فيه ..... ليس مجتمعا.....
لابد ان يكون هناك قيمة ما نجتمع عليها..... أليس كذلك.....
هل تتصورون ان في الفترة الاخيرة قبيل كتابة هذه الاوراق ظهرت نزعة للتباهي والتفاخر بالمناطق السكنية، فاصبحت منطقة تستهجن منطقة ......؟!!!
حتي اني شهدت علي ان ماسح أحذية سب منطقة كاملة وهو اصلا من منطقة مجاورة لها......
نعود للماضي وللصورة الذهنية ولكن هذا الانتقال للمستقبل يوضح مدي تفتت المجتمع ومآل هذا التفتت الذي كان حينها يعد حتميا بالنسبة لي....
ان دعوة المجتمع لمناصر قضايا الاقليات هو تفتيت للقوى المجتمعية التي يجب علي المجتمع مواجهته...
لان المجتمع اصلا هو تكتل مجموعة من الاقليات، فلا يوجد في مجتمع متحد ومتسق مع ذاته مفهوم اقلية او اكثرية...
ان المدافعين عن قضايا المراة هم من يحافظون علي المراة في بوتقة الاقلية المستضعفة....
في الاصل القضايا الوطنية هي هدف جامع لمجموع القوى الوطنية بدء من الاسرة انتهاء بالتنظيمات....
وبالتالي ليس علي المجتمع الانحراف عن مساره الطبيعي المتحد لتلبية دعوات عنصرية هي اصلا تعمل علي تحليل المركب الاجتماعي لعناصره الاولية....
واولي بالاقلية المستضعفة الانخراط في الاتجاه الاجتماعي الضامن للمسيرة الاجتماعية ودعما للقضايا الوطنية الاصيلة...
>>>>> يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.