صفحة قديمة - 3

جزء آخر من الصورة الذهنية الذي تحطمت بدخولي مرحلة المراهقة هو دور المبادئ والقيم المجتمعية التي يجب ان تكون راسخة في تكوين الشخصية...
علي العكس وجدت الشخصية بمجرد تشكلها تبدأ في رفض المبادئ والقيم كثوابت يمكن التعويل عليها، وتصوير المبادئ والقيم علي انها ادوات للحكم والادارة المجتمعية....
وان سلمنا بصدق هذا التصور، فسنجد انه لا ضير اصلا في تنظيم المجتمع لذاته بل انه تصورا حضاريا ومكونا ثقافيا يعد ثروة تاريخية وارثا ماديا قيما للغاية....
لكن المادية وهي قياس القيمة بقيمة - وهنا المال يعد معيارا للقيمة - اصبح في حد ذاته ثقافة تحارب الثقافة الاصلية، وهو ما يعد قتلا واستنذافا لثروتنا الوطنية المتمثلة في ثقافتنا وهويتنا المميزة ، والتي تعد في حد ذاتها قيمة ترفع من قيمة الرأس المال الوطني….
وهو ما يشابه إلي حد كبير شهرة المحل كقيمة اقتصادية تضاف لرأس المال وترفع من قيمة الممتلكات، هذا ان احسن استثمارها وحمايتها...
مجرد ظهور انواع من الشخصيات المادية في المجتمع لدرجة إهدار القيمة ذاتها - لا سيما في الاعلام - كان مؤشرا لمجموعة من التغيرات تضعني ومن شابهنا في جبهة تتنافس للبقاء ضد سيل من المواد المشجعة علي هدر القيمة واعلاء المادية، فنا بال القارئ الكريم بتوريث معتقداتنا لاجيال لاحقة....إن كان هناك من يقف في وجه الجانب المشرق للوطن وقدرات ابناءه فهو بكل تأكيد هو انت بإيمانك بالافكار الغير اصيلة وعدم دعمك لها، وهنا ارفض ما يسمي دور الدولة في الحفاظ علي مكتساباتنا الثقافية وهويتنا الاجتماعية...
فالعبارة السابقة هي هراء يعول فيه المجتمع علي "شماعة" مجموعة اخطاءه وتراكمها....
كما هي عبارة الرجعية لوصف الثقافة المحلية مقابل التقدمية للثقافات الوافدة هراء اجتماعي من نوع آخر....
انت لا تدعم الصناعة الوطنية لانها رديئة من وجهة نظر ذات معايير معينة، ولا تدعم الثقافة المحلية لانها لا تشكل قيمة بالنسبة لك....
ولهذا شهدت هذه الفترة تعرضا كثيفا للافكار المجتمعية الجديدة وقياسا لجودتها...
بدء من رفض القيمة الاجتماعية كثابت وبناء الشخصية المتمردة علي ثوابت المجتمع التي لا تشكل اي قيمة حقيقية...
وصولا للتقدمية العالمية كمقابل للرجعية الثقافية الشاملة لمجتمعنا المنغلق والرجعي....
في هذه المقالات اناقش تطور فكري الخاص مع الزمن، ولا اناقش تحديدا آليات الاختبارات ونتائجها....
ولكن بشكل عام شهدت مرحلة المراهقة تطورا سريعا يفوق شخصية المراهق التقليدي...
فكانت انجرافاتي كلها محلا للاختبار والاكتشاف وتسجيل الملاحظات، قد ياتي الوقت الذي نتناقش فيه انا وانت في هذه التجارب بشكل اكثر دقة...
ولكنها الي اليوم تصنف سري للغاية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوكب مجهول المصير - اليوم الثامن – 1997

ملاحظة جديرة بالتدوين...

المطبخ السياسي - الذكاء السياسي.